امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 238
نمايش فراداده

سِحْرٌ مُبِينٌ فهم لا يستطيعون إنكارنفوذ القرآن السريع في القلوب، و جاذبيتهالتي لا تقاوم من جهة، و هم من جهة أخرى غيرمستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته و كونهحقّا، و لذلك فإنّهم يفسّرون هذا النفوذالقوي بتفسير خاطئ منحرف و يقولون: إنّهسحر مبين، و هذا القول- بحدّ ذاته- اعترافضمني واضح بتأثير القرآن الخارق في قلوبالبشر.

بناء على هذا فإنّ «الحق»- في الآيةالمذكورة- إشارة إلى آيات القرآن، و إن كانالبعض قد فسّرها بالنبوّة، أو الإسلام، أومعجزات النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّمالأخرى، إلّا أنّ التّفسير الأوّل هوالأنسب بملاحظة بداية الآية.

غير أنّ هؤلاء لم يكتفوا بإطلاق هذهالتهمة و إلصاقها به، بل إنّهم تمادوافخطوا خطوة أوسع، و أكثر صراحة: أَمْيَقُولُونَ افْتَراهُ.

إنّ اللّه سبحانه يأمر نبيّه هنا بأنيجيبهم بجواب قاطع، و يعطيهم البرهانالجلي بأنّه قل لهم إذا كان كذلك فاللازمأن يفضحني و لا تستطيعون الدفاع عنّيمقابل عقابه: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُفَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِشَيْئاً «1»

فكيف يمكن أن يظهر اللّه سبحانه هذهالآيات البينات و المعجزة الخالدة على يدكذّاب؟ إنّ هذا بعيد عن حكمة اللّه و لطفه.

و هذا كما ورد في الآيات (44)- (47) من سورةالحاقة: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنابَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُبِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُالْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍعَنْهُ حاجِزِينَ. بناء على هذا، هل يمكن أن أقدم على مثل هذاالعمل الخطير من أجلكم؟

و كيف تصدّقون أنّ بالإمكان أن أكذب مثلهذه الكذبة ثمّ يبقيني اللّه حيا، بل ويمنحني معاجز أخر؟

1- جملة (إن افتريته) جملة شرطية حذفجزاؤها، و التقدير: إن افتريته أخذني وعاجلني بالعقوبة.