امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 261
نمايش فراداده

لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَ قَدْخَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي «1».

إلّا أنّ أبويه المؤمنين لم يستسلما أمامهذا الولد العاق الضال، فتقول الآية:

وَ هُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَآمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ غيرأنّه يأبى إلّا أن يسير في طريق الضلالة والعناد الذي اختطه لنفسه، و لذلك نراهيجيبهما بكلّ تكبر و غرور و لا مبالاة:فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُالْأَوَّلِينَ، فما تقولانه عن المعاد والحساب ليس إلّا خرافات و قصص كاذبة أتتكممن الماضين من قبلكم، و لست بالذي يعتقدبها و ينقاد لها.

إنّ الصفات التي يمكن أن تستخرج من هذهالآية حول هذه الفئة من الأبناء الضالينعدّة صفات: عدم احترام منزلة الأبوين، والإساءة لهما، لأنّ (أف) في الأصل تعني كلّشي‏ء قذر، و هي تقال في مقام التحقير والإهانة «2».

و قال البعض: إنّها تعني الأقذار التيتجتمع تحت الأظافر، و هي قذرة ملوثة، و لاقيمة لها «3». و الصفة الأخرى هي أنّهم مضافا إلى عدمإيمانهم بيوم القيامة و البعث و الجزاء،فإنّهم يسخرون منه و يستهزئون به، ويعدونه من الأساطير و الأوهام الخرافيةالباطلة.

و الصفة الأخرى أنّهم لا أذن سامعة لهم، ولا يذعنون للحق، و قد امتلأت نفوسهم بروحالغرور و الكبر و الأنانية. نعم، فبالرغم من أن الأبوين الحريصينيبذلان قصارى جهودهما، و كلّ ما في‏

1- «و الذي قال» مبتدأ، و خبره- باعتقادكثير من المفسّرين- (أولئك الذين) .. الذيورد في الآية التالية، و لا منافاة بين كونالمبتدأ مفردا و الخبر- أولئك- جمعا، لأنّالمراد منه الجنس.

لكن يحتمل أيضا أن يكون خبره محذوفا، وتقديره الكلام: «و في مقابل الذين مضىوصفهم الذي قال لوالديه» و في هذه الحالةتكون الآية التالية مستقلة، كما أن آية:أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُعَنْهُمْ ... مستقلة.

2- مفردات الراغب.

3- أوردنا بحوثا أخرى حول معنى (أف) في سورةالإسراء الآية 23.