ملاحظة كان نبيّ الإسلام مثال الصبر والاستقامة:
إنّ حياة أنبياء اللّه العظام- و خاصةنبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلّم -تبيان لمقاومتهم اللامحدودة أمام الحوادثالصعبة و الشدائد العسيرة، و العواصفالهوجاء، و المشاكل القاصمة، و لما كانطريق الحق مليئا بهذه المشاكل دائما، فيجبعلى سالكيه أن يستلهموا العبر من أولئكالعظماء في هذا المسير.
إنّنا ننظر عادة من نقطة مضيئة في تاريخالإسلام إلى أيّام مرّت على الإسلام ونبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم صعبةمظلمة، و هذه النظرة من المستقبل إلىالماضي تجسم الوقائع و الحقائق بشكل آخر،فينبغي علينا أن ندرك أنّ النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم كان وحيدا فريدا لايرى في أفق الحياة أية علامة للانتصار.
فأعداؤه شمروا عن سواعدهم للفتك به، حتىأنّ أقاربه و عشيرته كانوا في الخط الأوّلفي هذه المجابهة! كان يذهب دائما إلى قبائلالعرب و يدعوهم، و لكن لم يكن يجيبه أحد.
كانوا يرجمونه حتى تسيل الدماء من عقبيه،لكنه لم يكن يكف عن عمله.
لقد فرضوا عليه الحصار الاجتماعي والاقتصادي و السياسي بحيث أغلقوا جميعالأبواب و الطرق بوجهه و بوجه أتباعه، حتىمات بعضهم جوعا، و أقعد المرض بعضهم الآخر.
لقد مرّت على النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم أيّام يصعب على القلم و اللسانوصفها، فعند ما جاء إلى الطائف ليدعوالناس إلى الإسلام، لم يكتفوا بعدم إجابةدعوته، بل رموه بالحجارة حتى سال الدم منقدميه.
لقد كانوا يحثون الجهلاء من الناس على أنيصرخوا، و يسيئوا في كلامهم إليه، فيضطرإلى أن يلتجئ إلى بستان و يستظل بظل شجرة،و يناجي ربّه
فيقول: «اللّهمّ إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، و هو اني على الناس، يا أرحمالراحمين: أنت