امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 308
نمايش فراداده

خطر العدو غير ممكن أحيانا إلّا بكثرةالقتل فيه، فيمكن أن تكون مسألة القتل أحدمصاديق هذه الجملة في مثل هذه الظروف، لاأنّها معناها الأصلي «1».

و على كلّ حال، فإنّ الآية المذكورة تبيّنتعليما عسكريا دقيقا، و هو أنّه يجب أن لايقدم على أسر الأسرى قبل تحطيم صفوف العدوو القضاء على آخر حصن لمقاومته، لأنّالإقدام على الأسر قد يكون سببا في تزلزلوضع المسلمين في الحرب، و سيعوق المسلمينالاهتمام بأمر الأسرى و نقلهم إلى خلفالجبهات عن أداء واجبهم الأساسي. و عبارة فَشُدُّوا الْوَثاقَ و بملاحظةأنّ الوثاق هو الحبل، أو كلّ ما يربط به،يشير الى إتقان العمل في شدّ وثاق الأسرى،لئلا يستغل الأسير فرصة يفر فيها، ثمّيوجّه ضربة إلى الإسلام و المسلمين.

و تبيّن الجملة التالية حكم أسرى الحربالذي يجب أن يقام بحقّهم بعد انتهاءالحرب، فتقول: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً و على هذا لا يمكن قتلالأسير الحربي بعد انتهاء الحرب، بل إنّولي أمر المسلمين- طبقا للمصلحة التييراها- يطلق سراحهم مقابل عوض أحيانا، وبلا عوض أحيانا أخرى، و هذا العوض- فيالحقيقة- نوع من الغرامة الحربية التي يجبأن يدفعها العدو. طبعا يوجد حكم ثالث في الإسلام فيما يتعلقبهذا الموضوع، و هو استعباد الأسرى، إلّاأنّه ليس أمرا واجبا، بل هو راجع إلى وليأمر المسلمين ينفّذه عند ما يراه ضرورة فيظروف خاصة، و لعلّه لم يرد في القرآنبصراحة لهذا السبب، بل بيّنته الرّواياتالإسلامية فقط.

يقول فقيهنا المعروف «الفاضل المقداد» في«كنز العرفان»: إنّ ما روي عن مذهب أهلالبيت عليهم السّلام أنّ الأسير لو أسربعد انتهاء الحرب فإنّ إمام المسلمينمخيّر بين ثلاث: إمّا إطلاقه دون شرط، أوتحريره مقابل أخذ الفدية، أو جعله‏

1- ينقل صاحب لسان العرب عن ابن الأعرابيأنّ: أثخن: إذا غلب و قهر.