تحقيق أهدافه، فأي معنى إذن لقانون أهلالذمّة و التعايش السلمي؟
قلنا: يجب على المسلمين أن لا يفكروا فيأسر أفراد العدو إلّا بعد هزيمة العدوالكاملة و اندحاره التام، لأنّ هذاالتفكير و الانشغال بالأسرى قد يتضمّنأخطارا جسيمة.
غير أنّ أسلوب الآيات- مورد البحث- يدل علىوجوب الإقدام على أسر أفراد العدو بعدهزيمته، فالآية تقول: فَإِذا لَقِيتُمُالَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِثمّ تضيف: حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْفَشُدُّوا الْوَثاقَ و على هذا يجب أسرهمبدل قتلهم بعد الإنتصار عليهم، و هو أمر لابدّ منه، لأنّ العدو إذا ترك و شأنه فمنالممكن أن ينظم قواه مرّة أخرى ليهجم علىالمسلمين من جديد.
إلّا أنّ الحال يختلف بعد الأسر، إذ يكونالأسير أمانة إلهية بيد المسلمين رغم كلّالجرائم التي ارتكبها، و يجب أن تراعى فيهحقوق كثيرة.
إنّ القرآن يمجد أولئك الذين آثرواالأسير على أنفسهم، و قدّموا له طعامهم،فيقول: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلىحُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَأَسِيراً و هذه الآية- طبقا لرواية معروفة-نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسينعليهم السّلام، إذ كانوا صائمين و أعطواإفطارهم لمسكين مرّة و ليتيم أخرى، لأسيرثالثة.
و حتى الأسرى الذين يقتلون بعد الحرباستثناء، إمّا لكونهم خطرين، أولارتكابهم جرائم خاصّة، فإنّ الإسلام أمرأن يحسن إليهم قبل تنفيذ الحكم بحقّهم،كما نرى ذلك في حديث عن علي عليه السّلام: «إطعامالأسير و الإحسان إليه حق واجب، و إنّقتلته من الغد» «1».
1- وسائل الشيعة، المجلد 11، صفحة 69.