امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 36
نمايش فراداده

لذلك، فمثلا عبّر القرآن عن إلقاء يوسف فيالبئر من قبل إخوته، بالجعل: فَلَمَّاذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْيَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ «1»اتّضح ممّا قلناه أنّ ضمير المفعول في(جعلها) يعود إلى كلمة التوحيد و شهادة (لاإله إلّا اللَّه) و يستفاد هذا من جملة:إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ التيتخبر عن مساعي إبراهيم من أجل استمرار خطالتوحيد في الأجيال القادمة.

و ورد في روايات عديدة من طرق أهل البيتعليهم السّلام اعتبار مرجع الضمير إلىمسألة الإمامة، و ضمير الفاعل يرجع إلىاللَّه طبعا، أي إنّ اللَّه سبحانه قد جعلمسألة الإمامة مستمرّة في ذريّة إبراهيمعليه السّلام، كما يستفاد من الآية (124) منسورة البقرة، إذ لما قال اللَّه سبحانهلإبراهيم: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِإِماماً طلب إبراهيم عليه السّلام أن يكونأبناؤه أئمّة أيضا، فاستجاب اللَّهدعاءه، إلّا في الذين ظلموا و تلوّثوابالمعصية و الجور: قالَ إِنِّي جاعِلُكَلِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِيالظَّالِمِينَ. إلّا أنّ الإشكال الذي يتبادر لأوّل وهلةهو أنّه لا كلام عن الإمامة في الآية موردالبحث، اللهمّ إلّا أن تكون جملة (سيهدين)إشارة إلى هذا المعنى، لأنّ هداية النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم ، و الأئمّةعليهم السّلام شعاع من هداية اللَّهالمطلقة، و حقيقة الهداية و الإمامةواحدة.

و الأفضل من ذلك أن يقال: إنّ مسألةالإمامة مندرجة في كلمة التوحيد، لأنّللتوحيد فروعا أحدها التوحيد فيالحاكميّة و الولاية و القيادة، و نحننعلم أنّ الأئمّة يأخذون ولايتهم وزعامتهم من اللَّه سبحانه، لا أنّهممستقلّون بأنفسهم، و بهذا فإنّ هذهالرّوايات تعتبر من قبيل بيان مصداق و فرعمن المعنى العام لـ جَعَلَها كَلِمَةًباقِيَةً و لهذا فإنّه لا منافاة معالتّفسير الذي ذكرناه في البداية.

1- يوسف، الآية 15.