المنافقين عادة، و ما احتمله بعضالمفسّرين من أنّ المراد ضعفاء الإيمان لاينسجم مع سائر آيات القرآن، بل و لا معالآيات السابقة لهذه الآيات و التي بعدها،التي تتحدّث جميعا عن المنافقين.
و على أية حال، فإنّ الآية تضيف فيالنهاية جملة قصيرة، فتقول: فَأَوْلىلَهُمْ. إنّ جملة فَأَوْلى لَهُمْ تعبّر فيالأدب العربي عن التهديد و اللعنة، وتمنّي التعاسة و الفناء للآخر «1».
و فسّرها البعض بأنّها تعني: الموت أولىلهم، و لا مانع من الجمع بينها كما أوردنافي تفسير الآية. و تضيف الآية التالية: طاعَةٌ وَ قَوْلٌمَعْرُوفٌ «2».
إنّ التعبير بـ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ يمكن أنيكون في مقابل الكلمات الهزيلة المنكرةالتي كان يتفوّه بها المنافقون بعد نزولآيات الجهاد، فقد كانوا يقولون تارة لاتَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ «3»، و أخرى: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ماوَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّاغُرُوراً «4»، و ثالثة كانوا يقولون:هَلُمَّ إِلَيْنا «5»، من أجل إضعافالمؤمنين و إعاقتهم عن التوجّه إلى ميدانالجهاد.
و لم يكونوا يكتفون بعدم ترغيب الناس فيأمر الجهاد، بل كانوا يبذلون قصارى جهودهممن أجل صدّهم عن الجهاد، أو تثبيطمعنوياتهم و عزائمهم على الأقل. ثمّ تضيف الآية: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُفَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراًلَهُمْ و سيرفع
1- اعتقد جماعة أنّ معنى الجملة يصبح: يليهمكروه، و هو يعادل معنى ويل لهم. 2- (طاعة) مبتدأ، و خبره محذوف، و التقدير:طاعة و قول معروف أمثل لهم، و اعتبرهاالبعض خبرا لمبتدأ محذوف، و كان التقدير:أمرنا طاعة، إلّا أنّ المعنى الأوّل هوالأنسب. 3- التوبة، الآية 81. 4- الأحزاب، الآية 12. 5- الأحزاب، الآية 18.