و لا يخفى أنّ لعن اللّه تعالى لهؤلاءالقوم، و طردهم من رحمته، و كذلك سلبهمالقدرة على إدراك الحقائق، لا يستلزمالجبر، لأنّ ذلك جزاء أعمالهم، وردّ فعللسلوكهم و أفعالهم. و تناول آخر آية من هذه الآيات ذكر العلةالحقيقية لانحراف هؤلاء القوم التعساء،فقالت: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَالْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍأَقْفالُها؟
نعم، إنّ عامل مسكنة هؤلاء و ضياعهم أحداثنين: إمّا أنّهم لا يتدبّرون في القرآن،برنامج الهداية الإلهية، و الوصفة الطبيةالشافية تماما، أو أنّهم يتدبّرونه، إلّاأنّ قلوبهم مقفلة نتيجة اتباع الهوى والأعمال التي قاموا بها من قبل، و هي مقفلةبشكل لا تنفذ معه أي حقيقة إلى قلوبهم.
و بتعبير آخر، فإنّهم كرجل ضلّ طريقه فيالظلمات، فلا سراج في يده، و لا هو يبصر إذهو أعمى، فلو كان معه سراج، و كان مبصرا،فإنّ الاهتداء إلى الطريق في أي مكان سهل ويسير. «الأقفال» جمع قفل، و هي في الأصل من مادةالقفول أي الرجوع، أو من القفيل، أيالأشياء اليابسة، و لمّا كان المتعارفأنّهم إذا أغلقوا الباب و قفلوها بقفل،فكلّ من يأت يقفل راجعا، و كذلك لمّا كانالقفل شيئا صلبا لا ينفذ فيه شيء، لذافقد أطلقت هذه الكلمة على هذه الآلةالخاصة.
بحث
القرآن كتاب فكر و عمل:
تؤكّد آيات القرآن المختلفة على حقيقةأنّ هذا الكتاب السماوي العظيم ليسللتلاوة و حسب، بل إنّ الهدف النهائي منههو الذكر، و التدبّر في عواقب الأمور والإنذار، و إخراج البشر من الظلمات، والشفاء و الرحمة و الهداية.