امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 437
نمايش فراداده

فارس و اليمامة، فهذا أبعد بكثير، لأنّلحن الآيات مشعر بأنّ الحرب ستقع في زمانالنبيّ و لا يلزمنا أبدا أن نطبّق ذلك علىالحروب التي حدثت بعده، و يظهر أنّللدوافع السياسية أثرا في بعض الأفكارالمفسّرين في هذه القضية!.

و هنا ملاحظة جديرة بالتأمّل و هي أنّالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لايعدهم بالقول أنّهم سيغنمون في الحروب والمعارك المقبلة، لأنّ الهدف من الجهادليس كسب الغنائم بل المعوّل عليه هو ثواباللّه العظيم و هو عادة إنّما يكون فيالدار الآخرة! و هنا ينقدح هذا السؤال، وهو أنّ الآية (83: من سورة التوبة تردّ ردّاقاطعا على هؤلاء المخلّفين فتقول: فَقُلْلَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَ لَنْتُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْرَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍفَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ. في حين أنّ الآية محل البحث تدعوهم إلىالجهاد و القتال في ميدان صعبسَتُدْعَوْنَ إِلى‏ قَوْمٍ أُولِيبَأْسٍ شَدِيدٍ. فما وجه ذلك؟

و لكن مع الالتفات إلى الآية (83) في سورةالتوبة تتعلق بالمخلّفين في معركة تبوكالذين قطع النّبي الأمل منهم، أمّا الآيةمحل البحث فتتحدّث عن المخلّفين عنالحديبيّة، و ما يزال النّبي يأمل فيهمالمشاركة، فيتّضح الجواب على هذاالاشكال!. و حيث أنّ من بين المخلّفين ذوي أعذارلنقص عضوي في أبدانهم أو لمرض و ما الى ذلكفلم يقدروا على الاشتراك في الجهاد، و لاينبغي أن نجحد حقهم، فإنّ الآية الأخيرةمن الآيات محلّ البحث تبيّن أعذارهم وخاصّة أنّ بعض المفسّرين قالوا إنّ جماعةمن المعوّقين جاؤوا إلى النّبي بعد نزولالآية و تهديدها للمخلّفين بقولهايُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً، فقالوا:يا رسول اللّه ما هي مسئوليتنا في هذاالموقع؟

فنزل قوله تعالى: لَيْسَ عَلَىالْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَىالْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَىالْمَرِيضِ حَرَجٌ.

و ليس الجهاد وحده مشروطا بالقدرة، فجميعالتكاليف الإلهيّة هي سلسلة من‏