امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 510
نمايش فراداده

«الوليد» بارتداد طائفة «بني المصطلق» ...ألحّ جماعة من المسلمين البسطاء السذّجذوي النظرة السطحية على الرّسول أن يقاتلالطائفة آنفة الذكر ...

فالقرآن يقول: من حسن حظّكم أنّ فيكم رسولاللّه و هو مرتبط بعالم الوحي فمتى ما بدتفيكم بوادر الانحراف فسيقوم بإرشادكم عنهذا الطريق، فلا تتوقّعوا أن يطيعكم ويتعلّم منكم و لا تصرّوا و تلحّوا عليه،فإنّ ذلك فيه عنت لكم و ليس من مصلحتكم ...

و يشير القرآن معقّبا في الآية إلى موهبةعظيمة أخرى من مواهب اللّه سبحانه فيقول:وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُالْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْوَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ. و في الحقيقة أنّ هذه التعابير إشارةلطيفة إلى قانون اللطف أي «اللطفالتكويني».

و توضيح ذلك أنّه حين يريد الشخص الحكيمأن يحقّق أمرا فإنّه يوفّر له جميع مايلائمه من كلّ جهة و يصدق هذا الأصل في شأنالناس تماما ... فاللّه يريد أن يطوي الناس جميعا طريقالحق دون أن يقعوا تحت تأثير الإجبار بلبرغبتهم و إرادتهم، و لذا يرسل إليهمالرسل و الكتب السماوية من جهة، و يحبّبإليهم الإيمان من جهة أخرى، و يضري شعلةالعشق نحو طلب الحق و البحث عنه في داخلالنفوس و يكرّه إليها الكفر و الفسوق والعصيان ...

و هكذا فإنّ كلّ إنسان مفطور على حبّالإيمان و الطهّارة و التقوى، و البراءةمن الكفر و الذنب. إلّا أنّه من الممكن أن يتلوّث ماءالمعنويات المنصبّ في وجود الناس فيالمراحل المتتالية و ذلك نتيجة للاختلاطبالمحيطات الموبوءة فيفقد صفاءه و يكتسبرائحة الذنب و الكفر و العصيان ...

هذه الموهبة الفطرية تدعو الناس إلىإتباع رسول اللّه و عدم التقدّم بين يديه.