امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 532
نمايش فراداده

في المجتمع فإنّ سمعة و كرامة الأفراد فيذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع الجهات،فلا يستطيع أحد أن يسخر من الآخرين- علىأنه أفضل- و لا يمدّ لسانه باللمز، و لايستطيع أن يهتك حرمتهم باستعمال الألقابالقبيحة و لا يحقّ له حتى أن يسي‏ء الظنبهم، و لا يتجسس عن حياة الأفراد الخاصة ولا يكشف عيوبهم الخفية (باغتيابهم).

و بتعبير آخر إنّ للإنسان رؤوس أموالأربعة و يجب أن تحفظ جميعا في حصن هذاالقانون و هي: «النفس و المال و الناموس وماء الوجه». و التعابير الواردة في الآيتين محل البحثو الروايات الإسلامية تدل على أنّ ماء وجهالأفراد كأنفسهم و أموالهم بل هو أهم منبعض الجهات.

الإسلام يريد أن يحكم المجتمع أمن مطلق، ولا يكتفي بأن يكفّ الناس عن ضرب بعضهم بعضافحسب، بل أسمى من ذلك بأن يكونوا آمنين منألسنتهم، بل و أرقى من ذلك أن يكونوا آمنينمن تفكيرهم و ظنّهم أيضا ... و أن يحسّ كلمنهم أنّ الآخر لا يرشقه بنبال الاتهاماتفي منطقة أفكاره.

و هذا الأمن في أعلى مستوى و لا يمكنتحقّقه إلّا في مجتمع رسالي مؤمن. يقول النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيهذا الصدد: «إنّ اللَّه حرّم من المسلم دمهو ماله و عرضه و أن يظنّ به السوء» «1».

إنّ سوء الظن لا أنّه يؤثر على الطرفالمقابل و يسقط حيثيّته فحسب، بل هو بلاءعظيم على صاحبه لأنّه يكون سببا لإبعادهعن التعاون مع الناس و يخلق له عالما منالوحشة و الغربة و الانزواء كما

ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسّلام أنّه قال: «من لم يحسن ظنّه استوحشمن كلّ أحد» «2».

و بتعبير آخر، إنّ ما يفصل حياة الإنسانعن الحيوان و يمنحها الحركة و الرونق‏

1- المحجّة البيضاء، ج 5، ص 268.

2- غرر الحكم