امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 555
نمايش فراداده

التّفسير

لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ

كانت الآيات السابقة قد بيّنت علائمالمؤمنين الصادقين، و حيث أنّا ذكرنا فيشأن النّزول أنّ جماعة جاؤوا النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم و قالوا إنّادّعاءهم كان حقيقة و إنّ الإيمان مستقرفي قلوبهم، فإنّ هذه الآيات تنذرهم وتبيّن لهم أنّه لا حاجة إلى الإصرار والقسم، كما أنّ هذا البيان و الإنذار هولجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة،فمسألة (الكفر و الإيمان) إنّما يطّلععليها اللَّه الخبير بكل شي‏ء! و لحنالآيات فيه عتاب و ملامة، إذ تقول الآيةالأولى من الآيات محل البحث: قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.

و لمزيد التأكيد تقول الآية أيضا: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ. فذاتهالمقدّسة هي علمه بعينه و علمه هو ذاتهبعينها «1» و لذلك فإنّ علمه أزلي أبدي!ذاته المقدّسة في كلّ مكان حاضرة، و هوأقرب إليكم من حبل الوريد، و يحول بينالمرء و قلبه، فمع هذه الحال لا حاجةلادّعائكم، و هو يعرف الصادقين منالكاذبين و مطّلع على أعماق أنفسهم حتىدرجات إيمانهم المتفاوتة ضعفا و قوّة، وقد تنطلي عليهم أنفسهم، إلّا أنّه يعرفهابجلاء، فعلام تصرون أن تعلّموا اللَّهبدينكم؟! ثمّ يعود القرآن لكلمات الأعرابمن أهل البادية الذين يمنّون على النّبيبأنّهم أسلموا و أنّهم أذعنوا لدينه فيالوقت الذي حاربته القبائل العربيةالأخرى. فيقول القرآن جوابا على كلماتهم هذه:يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواقُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْبَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْهَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْصادِقِينَ.

1- يشيع على ألسنة بعضهم التعبير بـ «صفاتهعين ذاته و ذاته عين صفاته» و ما أشبه ذلك وهذا التعبير ركيك و الصحيح ما ورد في المتن(المصحّح).