إلّا أنّ بعض المفسّرين احتملوا احتمالاآخر في تفسير هذه الآية مستوحى من بعضالروايات «1»، و هو أن السائل هو النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم نفسه و أنالمسؤولين هم الأنبياء السابقون. ثمّأضافوا: إنّ هذا الأمر قد تمّ في ليلةالمعراج، لأنّ النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم قد التقى بأرواح الأنبياء الماضين،و من أجل تأكيد أمر التوحيد طرح هذا السؤالو سمع الجواب.
و أضاف البعض: إنّ مثل هذا اللقاء كانممكنا بالنسبة إلى النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم حتى في غير ليلة المعراج، لأنّالمسافات الزمانية و المكانية ليست مانعاو لا عائقا في مسألة اتصال النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم بأرواح الأنبياء، وكان بإمكان ذلك العظيم أن يتصل بهم في أيةلحظة، و في أي مكان طبعا، ليس على هذهالتفاسير أي إشكال عقلي، لكن لما كانالهدف من الآية نفي مذهب المشركين،لاطمأنة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم- إذ أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم كانمستغرقا في مسألة التوحيد، و مشمئزا منالشرك إلى الحدّ الذي لا يحتاج معه إلىسؤال، و لم يكن التقاء النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم الروحي بأرواح الأنبياءالماضين استدلالا مقنعا أمام المشركين-اذن فالتّفسير الأوّل يبدوا أكثر ملاءمة،و التّفسير الثّاني قد يكون إشارة إلىباطن الآية لا ظاهرها، لأنّ لآيات القرآنظهرا و بطنا. و هناك أمر يستحق الانتباه، و هو أنّ اسم(الرحمن) قد اختير في هذه الآية من بينأسماء اللّه سبحانه، و هو إشارة إلى أنّهكيف يمكن أن يترك هؤلاء اللّه الذي وسعترحمته العامّة كل شيء، و يتوجهون إلىأصنام لا تضر و لا تنفع؟!
(1) رويت هذه الرواية عن ابن عباس في تفسيرالقرطبي و تفسير الفخر الرازي و مجمعالبيان، و رويت في تفسير نور الثقلينروايتان مفصلتان في هذا الباب عن كتابالإحتجاج و تفسير علي بن إبراهيم. يراجعالمجلد 4، ص 605- 607.