امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 117
نمايش فراداده

غرارهم و متلوّنا بلون المحيط و لم يستسلمللأمور الماديّة.

فبناء على ذلك لا تحزن و لا تكترث و واصلالمسير بالصبر و الاستقامة، لأنّ مثل هذهالكلمات قيلت في أمثالك يا رسول اللّه منرجال الحقّ و أهله.

ثمّ يضيف القرآن هل أنّ هذه الأقوامالكافرة تواصت فيما بينها على توجيه هذهالتّهمة إلى جميع الأنبياء: أَ تَواصَوْابِهِ؟! و كان عملهم هذا إلى درجة منالانسجام، و كأنّهم اجتمعوا في مجلس- في ماوراء التاريخ- و تشاوروا و تواصوا على أنيتّهموا الأنبياء عامّة بالسحر و الجنونليخفّفوا من وطأة نفوذهم في نفوس الناس! ولعلّ كلّا منهم كان يريد أن يمضي من هذهالدنيا و يوصي أبناءه و أحبابه بذلك! ويعقّب القرآن على ذلك قائلا: بَلْ هُمْقَوْمٌ طاغُونَ «1».

و هذه هي إفرازات روح الطغيان حيثيتوسّلون بكلّ كذب و اتّهام لإخراج أهلالحقّ من الساحة، و حيث إنّ الأنبياءيأتون الناس بالمعجزات فإنّ خير مايلصقونه بهم من التّهم أن يسموهم بالسحرأو الجنون، فبناء على ذلك يكون عامل «وحدةعملهم» هذا هي الروحية الخبيثة و الطاغيةالواحدة لهم.

و لمزيد التسرّي عن قلب النّبي و تسليتهيضيف القرآن: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ.

و كن مطمئنا بأنّك قد أدّيت ما عليك منالتبليغ و الرسالة فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ.

و إذا لم يستجب أولئك للحقّ فلا تحزنفهناك قلوب متعطّشة له جديرة بحمله و هي فيانتظاره.

و هذه الجملة في الحقيقة تذكر بالآياتالسابقة التي تدلّ على أنّ النّبي كانيتحرّق لقومه حتّى يؤمنوا و يتأثّر غايةالتأثّر لعدم إيمانهم حتّى كاد يهلك نفسهمن‏

1- بل في الآية الآنفة للإضراب.