الهوى.
و نقرأ في سورة ص الآية (26) منها: وَ لاتَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ.
كما ورد في حديث معروف عن النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم و عن أمير المؤمنين: «أمّااتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ» «1».
و يعتقد بعض المفسّرين أنّ جملة ما ضَلَّصاحِبُكُمْ ناظره إلى نفي الجنون عنالنّبي و جملة وَ ما غَوى ناظرة إلى نفيالشعر عنه لأنّه ورد في الآية (224) من سورةالشعراء قوله تعالى: وَ الشُّعَراءُيَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (أي الشعراء منأهل الدنيا) و أمّا جملة وَ ما يَنْطِقُعَنِ الْهَوى فناظرة إلى نفي الكهانة،لأنّ الكهنة أفراد يعبدون الهوى.
ثمّ تأتي الآية التالية لتصرّح: إِنْ هُوَإِلَّا وَحْيٌ يُوحى.
فهو لا يقول شيئا من نفسه، و ليس القرآن مننسج فكره! بل كلّ ما يقوله فمن اللّه، والدليل على هذا الادّعاء كامن في نفسه.فالتحقيق في آيات القرآن يكشف بجلاء أنّهلن يستطيع إنسان مهما كان عالما و مفكّرا-فكيف بالامّي الذي لم يقرأ و لم يكتب فيمحيط مملوء بالخرافات- أن يأتي بكلام غزيرالمحتوى كالقرآن، إذ ما يزال بعد مضيالقرون و العهود ملهما للأفكار، و يمكنهأن يكون أساسا لبناء مجتمع صالح مؤمن سالم!و ينبغي الالتفات- ضمنا- إلى أنّ هذا القولليس خاصّا بآيات القرآن، بل بقرينة الآياتالسابقة يشمل سنّة الرّسول صلّى الله عليهوآله وسلّم أيضا و أنّها وفق الوحي، لأنّهذه الآية تقول بصراحة «و ما ينطق عنالهوى».
و الحديث الطريف التالي شاهد آخر على هذاالمدّعى.
يقول العلّامة السيوطي في تفسيره الدرّالمنثور: أمر رسول اللّه يوما أن توصد
1- نهج البلاغة، و من كلام له عليه السّلامرقم 42.