امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 392
نمايش فراداده

هذا. فهذه المشاهد لا نستطيع إدراكها إلّاإذا رأيناها.

و لأنّ الإخبار بوقوع هذه الحوادثالمرعبة في يوم القيامة- أو قبلها- تنبيه وإنذار للمؤمنين و المجرمين على السواء، ولطف من ألطاف اللّه سبحانه، يتكرّر هذاالسؤال: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُماتُكَذِّبانِ.

و في الآية اللاحقة ينتقل الحديث منالحوادث الكونية ليوم القيامة إلى حالةالإنسان المذنب في ذلك اليوم، حيث يقولسبحانه: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ.

و لماذا هذا السؤال و كلّ شي‏ء واضح فيذلك اليوم، فهو يوم البروز، و كلّ شي‏ءيقرأ في وجه الإنسان.

قد يتوهّم أنّ المعنى الوارد في هذه الآيةيتنافى مع الآيات الاخرى التي تصرّح وتؤكّد مسألة سؤال اللّه تعالى لعباده فييوم القيامة، كما ورد في الآية:

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ، «1»و كما في قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَلَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّاكانُوا يَعْمَلُونَ. «2»

و يحلّ هذا الإشكال إذا علمنا أنّ يومالقيامة يوم طويل جدّا، و على الإنسان أنيجتاز محطّات و مواقف متعدّدة فيه، حيث لابدّ من التوقّف في كلّ محطّة مدّة زمنية، وطبقا لبعض الرّوايات فإنّ عدد هذه المواقفخمسون موقفا، و في بعضها لا يسأل الإنسانإطلاقا، إذ أنّ سيماء وجهه تحكي عمّا فيداخله، كما ستبيّنه الآيات اللاحقة.

كما أنّ بعض المواقف الاخرى لا يسمح لهبالكلام، حيث تشهد عليه أعضاء بدنه قالتعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُناأَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْبِما كانُوا يَكْسِبُونَ.

1- الصافات، 24.

2- الحجر، 92- 93.