و هؤلاء الأشخاص يمكن معرفتهم- كما صرّحبذلك القرآن «تعرفهم بسيماهم».
أجل فبرغم سكوتهم إلّا أنّ في عمق وجوههمآثار الهموم و ما تحمله أنفسهم من آلاميعرفها المطّلعون، و يخبر لون وجههم عنكربتهم.
ما ورد في هذه الآيات عن المتّقين وأوصافهم يتلخّص- في الحقيقة- في قسمين«التوجّه نحو اللّه» «الخالق» و ذلك فيساعات يتوفّر فيها من جميع الجهاتالاستعداد لبيان الحاجة عنده مع حضورالقلب، و تبلغ أسباب انشغال الفكر وانصراف الذهن إلى أدنى حدّ أي في أواخرالليل! و الآخر «التوجّه نحو الخلق» ومعرفة احتياج المحتاجين سواء أظهرواحاجتهم أم كتموها.
و هذا المطلب هو ما أشار إليه القرآن فيآياته مرارا و أوصى به، و الآيات التي يردفيها ذكر الصلاة، ثمّ يتلوها ذكر الزكاة،و تعول على الإثنين معا، تشير إلى هذهالمسألة، لأنّ الصلاة أبرز مظهر لعلاقةالإنسان بالخالق، و الزكاة أجلى مظهرلعلاقته بخلق اللّه.
مع أنّ صلاة الليل من الصلوات المستحبّة والنافلة إلّا أنّ القرآن المجيد أشارإليها مرارا، و هذا دليل على أهميّتهاالقصوى حتّى أنّ القرآن عدّها وسيلة لبلوغ«المقام المحمود» و أساسا لقرّة العين«كما هو في الآية 79 من سورة الإسراء