أجل فنحن لا نحرق الأخضر و اليابس معا، وعدالتنا لا تسمح أن يبتلى المؤمن بعاقبةالكافر حتّى و لو كان بين آلاف الآلاف منالكافرين رجل مؤمن طاهر لأنجيناه! و هذا هوما أشارت إليه الآيتان 59 و 60 من سورة الحجربالقول: إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّالَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّاامْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَالْغابِرِينَ.
و نقرأ في سورة هود الآية 81 مثله: فَأَسْرِبِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّاامْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ماأَصابَهُمْ.
أمّا في سورة العنكبوت فقد وردت الإشارةفي الآية (32) كما يلي: قالَ إِنَّ فِيهالُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْفِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُإِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَالْغابِرِينَ.
كما أنّ هذا الموضوع ذاته مشار إليه فيالآية (83) من سورة الأعراف:
فَأَنْجَيْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّاامْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ.
و كما تلاحظون، أنّ هذا القسم من قصّة قوملوط ورد في هذه السور الخمس في عباراتمختلفة و جميعها يتحدّث عن حقيقة واحدة ..إلّا أنّه حيث يمكن أن ينظر إلى حادثة مامن زوايا متعدّدة و كلّ زاوية لها بعدهاالخاصّ .. فإنّ القرآن ينقل الحوادثالتاريخية- على هذه الشاكلة- غالبا، والتعابير المختلفة في الآيات المتقدّمةشاهدة على هذا المعنى.
أضف إلى ذلك أنّ القرآن كتاب تربوي وإنساني- و في مقام التربية يلزم أحيانا أنيعول على مسألة مهمّة مرارا لتترك أثرهاالعميق في ذهن القارئ ..
غاية ما في الأمر ينبغي أن يكون هذاالتكرار بتعابير طريفة و مثيرة و مختلفةلئلّا
معاقبة قوم لوط و هلاكهم مع أنّ الآياتمحلّ البحث فيها تعابير تشير إلى أنّاللقاء تمّ بعد المعاقبة و الجزاء، و طريقالحلّ هو أن نقول أنّ الآيات الوارد ذكرهاآنفا إلى قوله: «مسوّمة عند ربّكللمسرفين» هي كلام الملائكة، و أمّاالآيات الثلاث بعدها فقول اللّه يخاطبنبيّه و المسلمين يتحدّث عنها على أنّهاقصّة وقعت فيما مضى «فلاحظوا بدقّة»!