امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 116
نمايش فراداده

و كذلك إختيار القرآن لأنّ يكون المادةالأولى في البرنامج العبادي في الليلإنّما هو لاقتباس الدروس اللازمة في هذاالباب، و هو يعدّ من أفضل الوسائل لتقويةالإيمان و الاستقامة و التقوى و تربيةالنفوس، و التعبير بالترتيل الذي يراد بهالتنظيم و الترتيب الموزون هنا هو القراءةبالتأني و الانتظام اللازم، و الأداءالصحيح للحروف، و تبيّن الحروف، و الدقّةو التأمل في مفاهيم الآيات، و التفكر فينتائجها. و بديهي أنّ مثل هذه القراءة تعطي الإنسانالرّشد و النمو المعنوي السريع و الشهامةالخلقية و تهب التقوى، و إذا فسّره البعضبالصلاة فذلك لأنّ أحد أجزاء الصلاةالمهمّة هي قراءة القرآن.

عبارة «قم الليل» تعني النهوض في مقابلالنوم، و ليس الوقوف فحسب، و أمّا ما جاءمن العبارات المختلفة في هذه الآيات حولمقدار إحياء الليل فهو في الحقيقة لتبيانالتخيير، و أنّ النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم مخيّر في الاستيقاظ في نصفالليل أو أقل من ذلك أو أكثر لقراءةالقرآن، ففي المرحلة الأولى يذكر الليلكلّه إلّا قليلا منه، ثمّ يخففه ليوصلهإلى النصف، و بعدئذ إلى أقل من النصف.

و قيل: المراد هو التخيير بين الثلثالثّاني و النصف و الثلث الأوّل، بقرينةالآية التي في آخر السورة: إِنَّ رَبَّكَيَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى‏ مِنْثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ و يستفاد من هذه الآية أيضا أنّالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكنوحده الذي يقوم الليل، بل معه عدّة منالمؤمنين كانوا ملتزمين أيضا بهذا النظامللبناء الذاتي و التربية و الاستعدادمتخذين النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّمأسوة لهم. و قال البعض: إنّ المراد من «قم الليل إلّاقليلا»، هو القيام في الليالي كلّها إلّابعض الليالي، و ليس الاستثناء في أجزاءالليل، و لكن هذا القول بعيد عن الصواب حيثأنّ الليل جاء بصيغة مفرد «ليل»، و جاءالتعبير بالنصف أو أقل النصف.

ثمّ يبيّن الهدف النهائي لهذا الأمرالمهم و الشاق فيقول: إِنَّا سَنُلْقِيعَلَيْكَ‏