امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 295
نمايش فراداده

و الجواب: أنّ المشركين لا يقطعون فيإنكارهم للمعاد بشكل جازم، و الكثير منهميعتقدون بصورة إجمالية ببقاء الروح بعدالبدن، و هو ما يسمى بـ (المعاد الروحاني). أمّا بخصوص (المعاد الجسماني)، فالمشركونليسوا على وتيرة واحدة في إنكاره، فهناكمن يظهر الشكّ و التردد، كما تشير إلى ذلكالآية (66) من سورة النحل .. و هناك من ينكرالمعاد الجسماني بشدّة حتى دفعهم جهلهم وعنادهم لأن ينعتوا رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم (و العياذ باللّه) بالجنونلقوله بالمعاد الجسماني، و قد عرفوه تارةأخرى بالكاذب على اللّه! كما أخبرت بذلكسورة سبأ في الآيتين (7 و 8) ..

و عليه، فاختلاف المشركين في «المعاد»أمر واقع و لا يمكن إنكاره. و يضيف القرآن قائلا: كَلَّاسَيَعْلَمُونَ «1»، فليس الأمر كما يقولونأو يظنون.

و يجدد التأكيد: ثُمَّ كَلَّاسَيَعْلَمُونَ. فسيعلمون في ذلك اليوم الواقع حتما: أَنْتَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ مافَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ «2»، يومينهال العذاب الإلهي على الكافرينفيقولون بصرخات مستغيثة: هَلْ إِلى‏مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ «3».

بل و إنّ طلب العودة إلى الحياة لجبرانخطيئاتهم سيطرح في أولى لحظات الموت، حينتزال الحجب عن عين الإنسان فيرى بأمّعينيه حقيقة عالم الآخرة، فيستيقن حياةالبرزخ و المعاد، و لا يبقى عنده إلّا أنيقول: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّيأَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «4».

«السين» في «سيعلمون» حرف استقبال(يستعمل للمستقبل القريب)، و هو

1- المعروف بين أوساط علماء اللغة بأن«كلّا» حرف ردع، و لكنّ ثمّة من قالباستعمالات أخرى لهذا الحرف و لكنهانادرة، و هي: أ- حرف تأكيد. ب- بمعنى (ألا)الاستفتاحية. ج- حرف جواب بمنزلة (نعم).(راجع مجمع البحرين و كتب اللغة).

2- الزمر، الآية 6.

3- الشورى، الآية 44.

4- المؤمنون، 99- 100.