امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 449
نمايش فراداده

الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَفِي أَيِّ صُورَةٍ ما «1» شاءَ رَكَّبَكَ.

فالآية قد طرحت مراحل خلق الإنسانالأربعة .. أصل الخلقة، التسوية، التعديل،و من ثمّ التركيب.

ففي مرحلة الاولى: يبدأ خلق الإنسان و مننطفة في ظلمات رحم الام.

و في مرحلة الثّانية: مرحلة «التسوية والتنظيم» و فيها يقدر الباري سبحانه خلقكلّ عضو من أعضاء الإنسان بميزان متناهيالدّقة. فلو أمعن الإنسان النظر في تكوين عينهاذنه أو قلبه، عروقه و سائر أعضاءه، و ماأودع فيها من ألطاف و مواهب و قدرات إلهية،لتجسم أمامه عالما من العلم و القدرة واللطف و الكرم الإلهي.

عطاء ربّاني قد شغل العلماء آلاف السنينبالتفكير و البحث و التأليف، و لا زالوا فيأوّل الطريق ...

و في المرحلة الثّالثة: يكون التعديل بين«القوى» و «الأعضاء» و تحكيم الارتباطفيما بينها. و بدن الإنسان قد بني على هذين القسمينالمتقاربين، فـ اليدين، الرجلين،العينين، الأذنين، العظام، العروق،الأعصاب و العضلات قد توزعت جميعها علىهذين القسمين متجانس و مترابط.

هذا بالإضافة إلى أنّ الأعضاء في عملهايكمل بعضها للبعض الآخر، فجهاز التنفسمثلا يساعد في عمل الدورة الدموية بدورهاتقدم يد العون إلى عملية التنفس، و لأجلابتلاع لقمة غذاء، لا تصل إلى الجهازالهضمي إلّا بعد أن يؤدّي كلّ من: الأسنان،اللسان، الغدد و عضلات الفم دوره الموكلبه، و من ثمّ تتعاضد أجزاء الجهاز الهضميعلى إتمام عملية الهضم و امتصاص الغذاء،لينتج منه القوّة

1- «ما»: زائدة، و احتملها البعض (شرطية)، ولكنّ الرأي الأوّل أقرب للصواب.