امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 19 -صفحه : 474/ 56
نمايش فراداده

لطيفة يشير إلى العلاقة القريبة بينهما،و هكذا كان نوح عليه السّلام يوضحلمخالفيه أمر التوحيد بالاستدلال عن طريقنظام الخلقة و يستدل كذلك بها على المعاد.

ثمّ يعود مرّة أخرى إلى آيات الآفاق وعلامات التوحيد في هذا العالم الكبير، ويتحدث عن نعم وجود الأرض فيقول: وَ اللَّهُجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً «1».

ليست هي بتلك الخشونة بحيث لا يمكنكمالانتقال و الاستراحة عليها، و ليست بتلكالنعومة بحيث تغطسون فيها، و تفقدونالقدرة على الحركة، ليست حارقة و ساخنةبحيث تلقون مشقّة من حرّها، و ليست باردةبحيث تتعسر حياتكم فيها، مضافا إلى ذلكفهي كالبساط الواسع الجاهز المتوفر فيهجميع متطلباتكم المعيشية.

و ليست الأراضي المسطحة كالبساط الواسعفحسب، بل بما فيها من الجبال و الوديان والشقوق المتداخلة بعضها فوق البعض و التييمكن العبور من خلالها. لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً.

«فجاج» على وزن (مزاج)، و هو جمع فج، وبمعنى الوادي الفسيح بين الجبلين، و قيلالطريق الواسعة «2».

و بهذا فإنّ نوح عليه السّلام يشير فيخطابه تارة إلى العلامات الإلهية فيالسماوات و الكواكب و السماوية، و تارةأخرى إلى النعم الإلهية الموجودة فيالبسيطة، و ثالثة الى وجود الإنسان الذييعتبر بحدّ ذاته دليل على معرفة اللّهتعالى و إثبات المعاد، و لكن لم تؤثر أي منهذه الإنذارات و البشائر و الرغائب والاستدلالات المنطقية في قلوب هؤلاءالقوم المعاندين الذين استمروا

1- بساط من أصل بسط بمعنى و بسط الشي‏ء، ولهذا فإنّ كلمة «بساط» تطلق على كل شي‏ءواسع و أحد مصاديقها «البساط».

2- مفردات الراغب، مادة (فج).