و نقول بمقالتهم الخاطئة، و ما كنّا نظنهميتجرءون على اللّه بهذه الأكاذيب، و لكنناالآن نخطّئ هذا التقليد المزيف لما عرفنامن الحق و الإيمان بالقرآن، و نقر بماالتبس علينا، بانحراف المشركين من الجنّ. ثمّ ذكروا احدى الانحرافات للجن و الإنس وقالوا: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَالْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَالْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً.
«رهق» على وزن (شفق) و يعني غشيان الشيءبالقهر و الغلبة، و فسّر بالضلال و الذنب والطغيان و الخوف الذي يسيطر على روحالإنسان و قلبه و يغشيه، و قيل إنّ هذهالآية تشير إلى إحدى الخرافات المتداولةفي الجاهلية، و هي أنّ الرجل من العرب كانإذا نزل الوادي في سفره ليلا قال: أعوذبعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه «1».
و بما أنّ الخرافات كانت منشأ لازديادالانحطاط الفكري و الخوف و الضلال فقد جاءذكر هذه الجملة في آخر الآية و هي:فَزادُوهُمْ رَهَقاً. و ذكر في الآية بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّممّا يستفاد منه أنّ فيهم إناثا و ذكورا«2».
على كل حال فإنّ للآية مفهوما واسعا، يشملجميع أنواع الالتجاء إلى الجنّ، و الخرافةالمذكورة هي مصداق من مصاديقها، و كان فيأوساط العرب كهنة كثيرون يعتقدون أنّ الجنباستطاعتهم حلّ الكثير من المشاكل وإخبارهم بالمستقبل.
1- مجمع البيان، ج 10، ص 369، و روح المعاني، ج28، ص 85. 2- نقل عن بعضهم في تفسير الآية أعلاه أنّلجوء جماعة من الإنس بالجن ادّى إلى أنيتمادى الجن في طغيانهم و ظنوا أن بيدهمزمام الأمور المهمّة، و التّفسير الأوّلأوجه (و الضمير حسب التّفسير الأوّل في(زادوا) يرجع إلى الجن، و الضمير «هم» يرجعإلى الإنس، بعكس التّفسير الأوّل).