الأوّل: أنّهم- أي الجن- يبيّنون حال أصحابالرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والمجتمعين عليه المقتدين به في صلاته إذاصلّى و المنصتين لما يتلوه كلام اللّه، والمراد من ذلك هو الاقتداء الجنّ بهم والإيمان في ذلك.
الثّاني: لبيان حال المشركين، أي لمّا قامالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يعبداللّه بالصلاة كاد المشركون بازدحامهم أنيكونوا عليه لبدا مجتمعين متراكمينليستهزئوا به.
و الوجه الأخير لا يلائم هدف مبلغي الجنالذين أرادوا ترغيب الآخرين في الإيمان والمناسب هو أحد القولين السابقين. ملاحظة
التّحريف في تفسير الآية: وَ أَنَّالْمَساجِدَ لِلَّهِ
إنّ مسألة التوسل النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم و بأولياء دين اللّه عليهمالسّلام تعني اتّخاذهم وسيلة و ذريعة الىاللّه تعالى، و هذا ممّا لا يتنافى معحقيقة التوحيد و لا مع آيات القرآن، بل هيتأكيد على التوحيد و على أنّ كلّ شيء هومن عند اللّه، و أشير إلى الشفاعة و طلبالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المغفرةللمؤمنين في كثير من آيات القرآن «1» وبهذا يصرّ بعض المبتعدين عن التعاليمالإسلامية و القرآن الكريم على إنكارشيء من قبيل التوسل و الشفاعة.
و قد تذرعوا بعدة ذرائع لإثبات مقاصدهم،منها ما يقولهم: إنّ الآية: وَ أَنَّالْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَاللَّهِ أَحَداً تعني أنّ اللّه يأمر ألّاتدعوا معه أحدا، و لا ندعوا غيره أو نطلبالشفاعة من غيره! و الإنصاف أنّ ما قالوهلا يناسب سياق الآية و لا يرتبط هذا المعنىبالآية، بل الهدف من الآية نفي الشرك، أيجعل
1- بحثنا مسألة (الشفاعة في نظر القرآن والحديث) بحثا مفصلا في ذيل الآية (48) منسورة البقرة و حول حقيقة (التوسل) في ذيلالآية (35) من سورة المائدة.