و اعلم إنّ الإنسان المهتدي بنور اللّهأشرف الخلائق كلّها، و أبدع ما في الإمكانلأن اللّه اصطفاه لقربه و أضافه إلى نفسهمن اللّه مبدأه و إلى اللّه منتهاه قد باشرالحقّ إيجاده ينفخه فيه من روحه و تخميرجسده بيديه (102) و اختار لعبده الأسماء (103)كما لنفسه و آثر الخيرة له من لدن نزوله منعنده إلى حين صعوده إليه في كل صورة يتلبّسبها أو مقام يمرّ عليه أو نشاة يظهر بهانفسه و موطن يتعيّن فيه النشاة و زمانيحويه من حيث تقيّده به و تغيّره معه ومكان يستقرّ فيه من حيث هو متحيّز به وحاصل في دائرته و أول كل ذلك و مبدأه هو منحال تعلّق الإرادة الإلهيّة به عند تعيّنهبعينه الثابت في علمه الأزلي ثمّ اتّصالحكم القدرة به لابرازه في أطوار الوجود ومروره على المراتب الإلهية و الكونيّة، وله في كل عالم (104) و حضرة يمرّ عليه صورةتناسبه من حيث ذلك العالم أو الحضرة ووديعة يأخذها من جملة النعم، من التعديل والتسوية (105) و تماميّة الخلقة و حسن الصورةو الاعتدال و حسن الخلق و العدالة.
فكم بين من باشر الحقّ تسويته و تعديله وجمع له بين يديه (106) المقدّستين ثمّ نفخبنفسه فيه من روحه نفخا استلزم معرفةالأسماء كلّها و سجود الملائكة له أجمعينو إجلاسه مرتبة الخلافة عنه في التكوين وبين من خلقه بيده الواحدة أو بواسطة ما شاءمن خلقه و لم يقبل من حكمي التسوية والتعديل ما قبله هذا النائب الربانيّ وكون الملك ينفخ فيه الروح بالاذن.
كما ورد في الشريعة عنه صلى الله عليه وآلهانّه قال «1»: يجمع أحدكم في بطن
1) راجع صحيح مسلم: كتاب القدر: 16/ 189. و جاءما يقرب منه عن الباقر (ع) راجع الكافي:كتاب العقيقة، باب بدء خلق الإنسان 6/ 13.