تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 123
نمايش فراداده

ثمّ إنّ الدنيّ لا يتألّم من دنائته والخسيس لا يتضرّر من خسّته و الجاهل جهلابسيطا لا يتعذّب بجهله و العامي الأعمىالبصيرة لا يشقى بعماه الأصلي لكون كلّمنها لم يغيّر ما هو عليه ليتألّم بفقدكماله و يتعذّب بضدّ حاله بل كلّ أحد يعشقذاته و يحبّ نفسه و إن- كان خسيسا دنيّا.

و في المثل السائر: غثّك خير من سمين غيرك،فمن أساء عمله و أخطأ في اعتقاده، فإنّماظلم نفسه بظلمة جوهره و سوء استعداده. وكان أهلا للشقاوة ينادي على لسان الحال:مهلا فيداك أوكتا و فوك نفخ «1»، و إنّماقصر استعداده و أظلم جوهره لعدم إمكانكونه أحسن مما وجد. كما لا يمكن أن يحصل منأعمى القلب البصيرة و أن يلد القرد إنسانافي أحسن صورة و أكمل سيرة وَ لا يَزالُونَمُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَرَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّجَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِأَجْمَعِينَ [11/ 118] و بالجملة تفاوت الخلقفي الكمال و النقص و السعادة و الشقاوةإمّا بأمور ذاتيّة جوهريّة و إمّا بأمورعارضة كسبيّة بواسطة الأعمال و الأفعال.فالاختلاف بحسب الأمور الذاتيّة بمحضالعناية الإلهيّة المقتضية لحسن الترتيبو فضيلة النظام و ليس منشأ الإشكال أصلاكما علمت.

و إمّا بحسب العوارض اللاحقة فهي مناللوازم و التوابع الحاصلة بمصادماتالأسباب و كل آفة و شرّ يلحق الشي‏ء بسببأمر خارج اتّفاقي فليس مما يدوم عليه بليزول بزوال سببه و سيعود الشي‏ء إلى ماكان عليه أولا من طبيعته الأصليّة والأسباب الاتّفاقية غير دائمة و لاأكثريّة الوجود. اللّهم إلّا أن ينقلبطبيعة الشي‏ء إلى طبيعة اخرى‏

1) مثل يضرب لمن يجنى على نفسه. قالالميداني (مجمع الأمثال 2/ 414):

«أصله ان رجلا كان في جزيرة من جزائرالبحر فأراد أن يعبر على زق نفخ فيه، فلميحسن إحكامه، حتى إذا توسط البحر خرجت منهالريح فغرق، فلما غشيه الموت استغاث برجل،فقال له: يداك أوكتا، و فوك نفخ».