قوله جل اسمه:
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ اعلم إنّه من جملةالأوصاف التي امتاز بها القرآن عن سائرالكتب النازلة على الأنبياء السابقين-صلوات اللّه على نبيّنا و عليهم أجمعين-إنّ القرآن نفسه هدى و نور لأنّ المرادمنهما، الحاصل بالمصدر، و سائر الكتب فيهاهدى و نور كما في قوله تعالى:
أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ [5/ 44] و قال في حقّ القرآن: قَدْجاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ [5/15] و قال وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراًنَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ [42/ 52] و أمّاقوله: وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىًلِلنَّاسِ [3/ 3] فليس فيه نصوصيّة على كونهاهدى، لاحتمال أن يكون «هدى» حالا من ضمير«أنزل».
و كذا قوله قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَالَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ [6/ 91] لاحتمال كونه حالامن فاعل أنزل أو جاء.
و الفرق الآخر إنّ القرآن هدى للمتقين لميكاشف بأسراره عند تجلّي أنواره إلّاالخواص و المقرّبون من عباده و همالمحبوبون (253) و أهل المشيّة الإلهيّة (254)كما قال نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْعِبادِنا [42/ 52] و أمّا سائر الكتب فيشاركفي هديها الجمهور من الناس لقوله هُدىًلِلنَّاسِ [3/ 3] و القرآن أيضا لاشتماله علىالكتاب لما قد مرّ إنّه كلام و كتاب جميعايشارك في هديها الناس و كذا قال تعالى:شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِالْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ[2/ 185] و قد مرّ في المفاتيح نظير هذا المرام«1». (255)
1) راجع الفاتحة العاشرة من المفتاحالاول، 504.