تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 26
نمايش فراداده

و غرقت في تيّارهما عقول أصحاب الفكر وأرباب البحث و النظر و لا نجاة لأحد منالباحثين و المتكلمين من تيّارهما إلا منعصمه اللّه و آمنه من الهلاك و علّمه طريقالسباحة و المشي في الماء و لو ازداد يقينالمشى في الهواء و ذلك بأن أيّده بروحه وهداه إلى معرفة توحيد الأفعال، ثمّ إلىالصفات، ثمّ إلى الذات. فيقول عند ذلك كما قال نبيّه في دعاءه و استعاذته: «1» «اللهم إني أعوذ بعفوك من عقابك و أعوذبرضاك من سخطك و أعوذ بك منك لا احصى ثناءعليك انت كما أثنيت على نفسك».

نكتة

و من اللطائف المستنبطة في هذا المقام إناللّه جلّ اسمه لما أنبأنا إنّه خلقالسموات سبع طباق علمنا بمقائيس الأذواقإن الوجود الإنساني الذي هو عالم صغيرمتدرج في سبع مراتب متفاوتة في اللطافة والكثافة متعلقة بتلك الأفلاك السبعة مع مافيها من الأنوار المتحركة بأعصاب و عروقمعنوية و أوتار و رباطات غيبية متى قبضتانقبضت و متى بسطت انبسطت يتنزل الأمربينهن كما يتنزل هنالك.

ثمّ إنه قد ورد في الأخبار المستفيضة إنإبليس لعنه اللّه كان له فيما مضى الولوجفي طباق السموات كلها. فلما ولد المسيح روحاللّه على نبينا و عليه السلام و الصلواتحجب عن أربع سموات و بقي له ثلاث طبقات يلجفيها و يقعد منها مقاعد للسمع.

و نظائر هذه الثلاث في العالم الإنسانىالمراتب التي دون الروح.

أعني القلب و بعده النفس و بعده الطبيعة. وأما ما حجب عنها، فالروح و فوقه السّر وفوقه الخفيّ و فوقه الأخفى.

فلما ولد محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الحقيقة التمامية حجب إبليس و جنوده منالسموات كلها فلم يبق له ولوج و عروج فيشي‏ء منها و قد بقي له الأرض الجسمانيةيسبح فيها مفتحة له مجاريها فيجري منالإنسان مجرى الدم‏

1) مضى آنفا.