تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 252
نمايش فراداده

فإذا تقرّرت هذه المقدّمات، فقد علم إنّالأصل في الايمان هو المعرفة بالجنان.

و أما العمل بالأركان فإنّما يعتبرلتوقّف المعرفة على إصلاح القلب و تهذيبالباطن و تلطيف السرّ و توقّفها على فعلالحسنات و ترك السيّئات.

و مما يدلّ على أنّ الايمان مجرّد العلم والتصديق وحده امور:

الأول: إنّه تعالى أضاف الايمان إلى القلبفقال في حق المؤمنين أُولئِكَ كَتَبَ فِيقُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [58/ 22] و في حقّالمنافقين الَّذِينَ قالُوا آمَنَّابِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْقُلُوبُهُمْ [5/ 41] وَ لَمَّا يَدْخُلِالْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [49/ 14] و قوله:وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [16/106].

و قال النبيّ «1» صلى الله عليه وآله:الايمان سرّ و أشار إلى صدره- و الإسلامعلانية.

الثاني: إنّه تعالى كثيرا ما ذكر الايمانو قرن به العمل الصالح و لو كان داخلا فيهلكان ذكره تكرارا.

الثالث: إنّ كثيرا ما ذكر الايمان و قرنهبالمعاصي قال الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْيَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [6/ 82] وقوله: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَالْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوافَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْإِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُواالَّتِي تَبْغِي [49/ 9].

و احتجّ ابن عباس على هذا المطلب بقولهتعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواكُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِيالْقَتْلى‏ [2/ 178] من ثلثة أوجه: أحدها:إنّما يجب القصاص على القاتل المتعمّد،ثمّ إنّه خاطبه بالايمان فدلّ على أنّهمؤمن.

و ثانيها: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْأَخِيهِ [2/ 178] و هذه الاخوّة ليست إلااخوّة الايمان لقوله تعالى: إِنَّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ. [49/ 10].

و ثالثها: قوله: ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْرَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ [2/ 178] و هذا لا يليقإلّا بالمؤمن، و من هذا القبيل قوله تعالى:وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُواجعلهم‏

1) في المسند (3/ 135): «الإسلام علانية والايمان في القلب ...»