إن اللّه تعالى يقول: يا عبدي قلبك بستانيو جنّتي بستانك فلما لم تبخل علىّ ببستانكبل أنزلت معرفتي فيه فكيف أبخل ببستانيعليك أو كيف أمنعك منه، و قد حكى اللّهتعالى كيفيّة نزول العبد في بستان الجنةفقال: في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
و لم يقل: عند المليك. كأنه قال: أنا في ذلكاليوم أكون مليكا مقتدرا و عبيدي يكونونملوكا إلا إنّهم تحت قدرتي.
إذا عرفت هذا فكأنه تعالى يقول: يا عبديإني جعلت جنتي لك و أنت جعلت جنتك لي لكنكما أنصفتني. فهل رأيت جنتّي الآن و هلدخلتها؟ فيقول العبد: لا يا رب.
فيقول تعالى: و هل دخلت جنتك؟ فلا بد أنيقول العبد: نعم يا رب. فيقول تعالى: إنك مادخلت جنتي و لكنه لما قرب دخولك أخرجتالشيطان من جنّتي لأجل نزولك و قلت له اخرجمنها مذموما مدحورا. فأخرجت عدوّك قبلنزولك. و أما انت فبعد نزولي في بستانكبسبعين سنة كيف يليق بك أن لا تخرج عدوّي ولا تطرده فعند هذا يجيب العبد و يقول: إلهىأنت قادر على إخراجه من جنتّك و أما أنافعاجز ضعيف و لا أقدر على إخراجه فيقولاللّه تعالى: العاجز إذا دخل في حمايةالملك القاهر صار قويّا فادخل في حمايتيحتّى تقدر على إخراج العدوّ من جنّة القلبفقل: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم.
فإن قيل: فإذا كان القلب بستان اللّه فلماذا لا يخرج الشيطان عن بستانه؟ قلنا: قالأهل الاشارة كأنه تعالى يقول للعبد أنتالذي أنزلت سلطان المعرفة في حجرة قلبك ومن أراد ان ينزل سلطانا في حجرة نفسه وجبعليه أن يكنس تلك الحجرة و إن عليه أنينظفها و لا يجب على السلطان تلك الأعمالفنظّف حجرة قلبك عن لوث الوسوسة و قل:
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم.