قبل أن اخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قالآدم: فهل وجدت فيها و عصى آدم ربّه فغوى؟قال: نعم قال: أ فتلومني على أن عملت عملاكتبه اللّه تعالى عليّ أن أعمله قبل أنيخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول اللّه صلىالله عليه وآله فحجّ آدم موسى عليهالسلام».
و المعتزلة طعنوا في هذا الحديث من وجوه«1»: أحدها: إنّ هذا الخبر يقتضى أن يكونموسى قد ذمّ آدم على الصغيرة. و ذلك يقتضىالجهل في حقّ موسى عليه السلام و ذلك غيرجايز.
و ثانيها: إنّ الولد كيف يشافه الوالدبالقول الغليظ؟ و ثالثها: إنّه قال: «أنت أشقيت و أهبطتالناس من الجنّة» و قد علم موسى إنّ شقاءالناس و إخراجهم من الجنّة لم يكن من جهةآدم، بل اللّه أخرجه منها.
و رابعها: إنّ آدم احتجّ بما ليس حجّة. إذلو كان حجّة، لكان لفرعون و هامان و سائرالكفار أن يحتجّوا به، و لمّا بطل ذلكعلمنا فساد هذه الحجّة.
و خامسها: إنّ الرسول صوّب آدم في ذلك معأنّا بيّنا إنّه ليس بصواب.
إذا ثبت هذا وجب حمل الحديث على أحد ثلاثةأوجه:
أحدها: إنّه صلى الله عليه وآله حكى ذلك عناليهود- لا انّه حكاه عن اللّه أو عن نفسه-و اشتبه على الراوي.
و ثانيها: إنّه «فحجّ آدم» منصوبا أي «إنّموسى جعله محجوجا.
و ثالثها: و هو المعتمد إنّه ليس المراد منالمناظرة الذمّ على المعصية و لا الاعتذارمنه بعلم اللّه، بل موسى سأله عن السببالذي حمله على تلك الزلّة حتّى خرج بسببهامن الجنّة فقال آدم: إنّ خروجي منها لم يكنبسبب تلك الزلّة، بل بسبب أنّ اللّه تعالىكان قد كتب عليّ أن أخرج إلى الأرض و أكونخليفة فيها، و هذا المعنى كان مكتوبا
1) الوجوه منقولة من تفسير الرازي: 1/ 270.