إن المراد علامة و سمة وسم بها قلوبهم وسمعهم يعرفها الملائكة و يعرفونهم بهاإنّهم كفار فيبغضونهم و ينفرون عنهم، كمالا يبعد أن يكون في قلوب المؤمنين علامةيعرف الملائكة بها كونهم مؤمنين عند اللّهكما قال تعالى: أُولئِكَ كَتَبَ فِيقُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [58/ 22] و حينئذيحبّونهم و يستغفرون لهم و الفائدة في تلكالعلامة مصلحة تعود إلى الملائكة و قالواو إنّما خصّ السمع و القلب بذلك، لأنأحدهما للادلّة السمعيّة و الاخرىللعقليّة.
و هؤلاء لم يحملوا الغشاوة في البصر أيضاعلى معنى العلامة و السمة، كما حملواالختم عليه محافظة على مقتضى اللغة من غيرمانع في الختم، إذ لا مانع من حمله علىمعناه بخلاف الغشاوة، لأنّها الغطاءالمانع عن الإبصار. و معلوم من حال الكفّارخلاف ذلك، فلا بدّ فيه من حمله على المجازو هو تشبيه حالهم بحال من لا ينتفع ببصرهفي باب الهداية.
و عاشرها: إنّ أعراقهم لما رسخت في الكفر واستحكمت بحيث لم يبق لهم طريق إلى تحصيلايمانهم سوى الإلجاء و القسر، ثمّ لم يقعالإلجاء و القسر إبقاء على غرض التكليف،عبّر عن تركه بالختم، فإنّه سدّ لايمانهم،و فيه إشعار على ترامى أمرهم في الغيّ والضلال و تناهي انهماكهم في البطلان والوبال. فهذا مجموع ما ذكروه في هذاالمقام.
أكثر المفسّرين على أن قوله وَ عَلىسَمْعِهِمْ معطوف على قوله عَلىقُلُوبِهِمْ وفاقا لقوله تعالى وَ خَتَمَعَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَعَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً و لما مرّ من أنّالأدلّة السمعيّة لا تستفاد إلّا من طريقالسمع و الأدلّة العقلية لا تستفاد إلّامن طريق القلب و لأنهما لمّا اشتركا فيالإدراك من جميع الجوانب، جعل ما يمنعهمامن خاص فعلهما،