لما كانت الزيادة من جنس المزيد عليه و قدعلمت إنّ مرض القلب هي الصفات المضادّةلأفعاله و آثاره الخاصّة التي أصلهاالايمان باللّه و المعرفة بآياته و كتبه وملائكته و رسله و اليوم الآخر، فرئيسالأمراض القلبيّة هي الكفر باللّه و الجهلبهذه الأمور فقوله: فزادهم اللّه مرضا.محمول على الكفر و الجهل، فيلزم أن يكوناللّه فاعلا للكفر و الجهل.
و هذا ممّا استشكله جماعة كالثنويّة والمجوس الذين جعلوا فاعل الشرور مبدأ آخرغير فاعل الخيرات و قالوا بأصلين قديمينهما عندهم النور و الظلمة، أو يزدان وأهرمن لأنّ هذا الإشكال بعينه هي الشبهةالمشهورة، و هي: إن في العالم خيرات وشرورا، و الموجود الممكنيّ لا بدّ فيه منمؤثّر و ينتهى إلى مؤثّر قديم دفعا للدور والتسلسل، و المؤثّر في الخيرات و الشرورلا يمكن أن يكون مبدأ واحدا و إلّا لكانأمر واحد خيّرا و شرّيرا معا.
فخالق الأنوار و الخيرات هو القديمالمسمّى بالنور عندهم أو يزدان، و خالقالظلمات و الشرور، هو القديم المسمّىبالظلمة عندهم أو أهرمن و قال تعالى دفعالهذا الاعتقاد الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِيخَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ [6/ 1].
و هكذا قالت القدريّة الذينهم مجوس هذهالامّة إنّ في هذا العالم يوجد الكفر والمعاصي كما يوجد الايمان و الطاعات واللّه تعالى منزّه أن يكون خالق الكفر والمعصية، فكلّ معصية و كفر فمنشأ صدورها وفاعلها و خالقها هو الشيطان أو العبد و إنّاللّه تعالى هو فاعل الايمان و الطاعات وقال تعالى ردّا عليهم: وَ اللَّهُخَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ [37/ 96] وقوله:
وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها فَأَلْهَمَهافُجُورَها وَ تَقْواها [91/ 7- 8].