انّ العقول قاصرة عن الإحاطة بجميعالمعاني الداخلة في حدّه لأنه إنّما عرفتصورة حدّه إذا عرفت صور حدود جميعالموجودات. و إذ ليس فليس و أما اسم هو فلاحدّ له و لا إشارة إليه فيكون أجلّ مقاما وأعلى مرتبة و لهذا يختص بمداومة هذا الذكرالشريف الكمّل الواصلون.
و النكتة فيه إنّ العبد متى ذكر اللّهبشيء من صفاته لم يكن مستغرقا في معرفةاللّه لأنه إذا قال «يا رحمن» فحينئذيتذكّر رحمته فيميل طبعه إلى طلبها فيكونطالبا لحظّه و كذا إذا قال: يا كريم يا محسنيا غفّار يا وهّاب يا منتقم و إذا قال: يامالك فحينئذ يتذكّر ملكه و ملكوته و ما فيهمن أقسام النعم و لطائف القسم فيميل طبعهإليها و يطلب شيئا منها و قس عليه سائرالأسماء.
و أما إذا قال يا هو و انّه يعرف انّهتعالى هويّة صرفة لا يشوبه عموم و لا خصوصو لا تكثّر و تعدد و لا تناه و حدّ فهذاالذكر لا يدلّ على شيء البتّة إلا محضالإنيّة التامّة التي لا يشوبه معنىيغايره فحينئذ يحصل في قلبه نور ذكره و لايتكدر ذلك النور بالظلمة المتولّدة عن ذكرغير اللّه و هنالك النور التامّ و الكشفالكامل.
انّ جميع صفات اللّه المعلومة عند الخلقإما صفات الجلال و إما صفات الإكرام أماالاولى فكقولنا انّه ليس بجسم و لا جوهر ولا عرض و لا في مكان و هذا فيه وقيعة. كمنخاطب السلطان بأنك لست أعمى و لا أصمّ و لاكذا و كذا و صار يعدّ أنواع المعائب والنقائص فإنّه ينسب إلى إسائة الأدب ويستوجب الزجر و التأديب.
و أما صفات الإكرام فككونه خالقا للخلائقرازقا للعباد. و هذا أيضا فيه وقيعة منوجهين:
الأول: إنّ كمال الصانع أجلّ و أعلى من أنيوصف بصنعه و خصوصا الفيّاض