ثمّ يأتى بعد هذه الآية شرح ماهيّةالإنسان و بيان خلافته للّه تعالى، و سرّمسجوديّته للملائكة أجمعين، لارتباطهبهذا المقصود من كون الإنسان سالكا بقدميالعلم و العمل إلى خدمة المولى المعبود.
إنّ ما ذكر في القرآن من عدد السموات لايزيد على السبع، و أما أهل الهيئة و أصحابالتعاليم الرصديّة فزعموا إنّ الأفلاكالكليّة تسعة: سبعة للسيّارات- كلّ في فلك-و ثامنها للكواكب الثابتة في أوضاعها،البطيئة في حركتها الخاصّة بها.
و أما الفلك التاسع فهو الفلك المحيطبالكلّ، المحرّك للكلّ حركة سريعة يخالففي الجهة لحركات البواقي.
و ذلك لأنّهم وجدوا كلّ كوكب متحرّكةبحركة سريعة شرقيّة مشتركة، و بحركة بطيئةغربية مختصّة به، و هم قد ذكروا في كتبهموجه انحصارها و ترتيبها المشهور.
أما وجه انحصار الأفلاك الكليّة في تسعة-و معنى الفلك الكلّي عندهم ما ينتظم بهإحدى الحركات المحسوسة المعلومة بالنظرالجليل بحسب الرصد- فهو إنّهم في بادىءنظرهم رأوا تسع حركات مختلفة، فأثبتواتسعة أجرام متحرّكات فكليّة.
و هذا الوجه ضعيف، إذ يمكن أن يستند إحدىهذه الحركات- إمّا الشرقيّة السريعة أوالبطيئة الشاملة- لحركات الاوجات «1» والجوزهرات «2»- لا إلى جرم مختص بأن تتعلّقبمجموع الأفلاك الثمانية نفس تحرّكهاإحدى تينك الحركتين، بل
(1) الأوج: موقع كل سيارة إذا كانت في منتهىبعدها من الأرض و يقابله الحضيض. (2) الجوزهر: نقطتين يتقاطع فيه الفلكالمائل لكل سيارة و منطقة البروج (التفهيم: 123).