بل يعلم ايضا كل نفس- سواء كانت سعيدة اوشقية- فهي إذا انقطعت عن البدن، و ارتحلتعن هذه الدار، و ارتفعت عنها شواغل صحبةالاغيار، و رجعت الى ذاتها و عالمها، وصارت جوانبها الباطنية لادراك الأمورالاخروية قوية حديدة، لقوله تعالى:فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَالْيَوْمَ حَدِيدٌ [50/ 22] فيشاهد الصورالغيبية المخزونة عنها من نتائج أعمالها وافعالها، و مطامح أنظارها و مقاصد طبائعهاو غاية هممها و قصورها، فان كانت هي منالأمور القدسية الدائمة الباقية المقربةالى الحق، المؤكدة للروح و الريحان والانس بروائح القدس، كانت الروح عندملاقاتها مسرورة بها قريرة العينبمشاهدتها كالجنة و الرضوان و مجاورةالرحمان، و ان كانت من باب اللذاتالداثرات و الشهوات الدنية الفانية، كانتالروح عند ملاقاتها في غصة و عذاب اليم وتصلية جحيم.
ثم انى لاتعجب من بعض الشيوخ «1»الموصوفين بالعلم و الحكمة و فقه الآياتبالاشراق و الهمّة، مع شدة توغله في فهمالاسرار و علم الأنوار، و اعتقاده بوجودعالم الجنة و النار- اليه رجعي نفوسالأخيار و الفجار- كيف صوب و اختار قول بعضالعلماء، كما صوبه و اختاره الشيخانالجليلان- و هما أبو علي و الغزالي- تصريحاو تلميحا من كون جرم سماوي موضوعا لتخيلاتطوائف من السعداء و الأشقياء، مستدلابأنهم لم يتصور لهم العالم العقلي و لمينقطع علاقتهم عن الاجرام، و هم بعدبالقوة التي احتاجت بها النفس الى علاقةالبدن، و قال: «انه كلام حسن» موافقا لماقال أبو علي «2» بعد نقله إياه: «انه ممايشبه
1- الشيخ الاشراقى شهاب الدين السهروردي،راجع التلويحات 89. 2- الإلهيات من الشفا: 551، أواخر المقالةالتاسعة.