تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 456/ 106
نمايش فراداده

تشترك فيه الكثرة، و يجتمع عنده الأعدادفي الوحدة، و يضمحلّ فيه التخالف والتضادّ، و يتصالح عليه الآحاد، و مثل هذاالأمر لا تدركه الروح الإنسانيّة ما لمتتجرد عن مقام الخلق و لم ينفض عنهاالحواسّ و لم ترتق إلى مقام الأمر متّصلةبالملإ الأعلى، إذ ليس من شأن المعقول منحيث هو معقول أن يحسّ كما ليس من شأنالمحسوس من حيث هو محسوس أن يعقل. و لنيستتمّ الإدراك العقليّ بآلة جسمانيّة،فإنّ المتصور فيها مخصوص مقيّد بوضع ومكان و زمان، و الحقيقة الجامعة العقليّةلا تتقرّر في منقسم مشار إليه بالحسّ، بلالروح الإنسانيّة يتلقّى المعقولات بجوهرعقليّ من حيّز عالم الأمر، ليس بمتحيّز فيجسم و لا متمكّن في حسّ و لا داخل في وهم.

ثمّ لمّا كان الحسّ تصرفه فيما هو من عالمالخلق، و العقل تصرفه فيما هو من عالمالأمر، فما هو فوق الخلق و الأمر فهو محتجبعن الحسّ و العقل جميعا، و لا شكّ أنّ كلاماللّه من حيث هو كلامه قبل نزوله إلى عالمالأمر- و هو اللوح المحفوظ- و قبل نزوله إلىعالم السماء- و هو لوح المحو و الإثبات وعالم الخلق- له مرتبة فوق مرتبة الخلق والآمر جميعا، فلا يتلقيه و لا يدركه أحد منالأنبياء إلّا في مقام الوحدة الإلهية عندتجرّده عن الكونين- الدنيا و الآخرة- وعروجه و خرقه العالمين- الخلق و الأمر-. كما قال أفضل الأنبياء: «لي مع اللّه وقت لايسعني فيه ملك مقرّب، و لا نبيّ مرسل».

فإذا تقرّر هذا ثبت إنّ للقرآن منازل ومراتب، كما للإنسان درجات و معارج. فلا بدّلمسّ القرآن في كلّ مرتبة و درجة من طهارةو تجرّد عن بعض العلائق، فالضمير في لايَمَسُّهُ إن كان عائدا إلى المصحف الذيبأيدي‏