كل يسبح بحمده «3».
المسلك الثاني: إنّ للحقّ تعالى معيةثابتة مع جميع الموجودات، و ظهورا خاصّامنه في كل الهويّات، ليس كمعيّة جوهر معجوهر، أو جوهر مع عرض، أو عرض مع أحدهما،بل أشدّ من جميع المعيات حتّى معيّةالوجود مع الماهيّة، فلا يكون ممازجا و لامواصلا و لا مغايرا و لا مفاصلا و لامتّحدا كاتّحاد موجود بموجود، و لاكاتّحاد ماهيّة متحصّلة بماهيّة متحصّلة:بل كما قال إمام الموحّدين و مقتدى العارفين،أمير المؤمنين عليه السّلام: «مع كلّ شيءلا بممازجة، و غير كلّ شيء لا بمزايلة»«4».
فكلّ موجود من الموجودات كقطرة في بحروجوده (4)، و ذرّة متواصلة في إشراق ظهوره وشعاع نوره، فإذا كان الحقّ بجميع صفاتهالكماليّة و نعوته الجماليّة و الجلاليّةمتجلّيا على جميع الأشياء. فلكلّ منالموجودات عين شاهدة لأوصاف جماله، و لسانملكوتيّ مسبّح مقدّس لنعوت كماله. فكلّ مافي السموات و ما في الأرض يسبّحه و يهلّلهو يمجّده و يكبّره بجميع ألسنة ذاتها وقواها و مشاعرها و ضمائرها و أسرارها وظواهرها و أطوارها، قولا و فعلا و ضميرا واعتقادا.
قد تقرّر في أنظارنا الحكميّة و أسفارناالإلهيّة أنّ جميع الموجودات متوجهّة نحوالحق تعالى طبعا و إرادة و عقلا، و هذاالمعنى مشاهد في أكثر
(3) إشارة الى قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْشَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [17/44]. (4) نهج البلاغة: الخطبة رقم 1.