ذلك التفيّؤ يمينا و شمالا سجود للّه وعبوديّة و خضوع و صغار و ذلّة لجلاله وجماله.
و منها قوله تعالى متمّما لهذا المعنى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ أي: ممّنيدبّ عليها «6» ثمّ قال: وَ هُمْ يعني أهلالسموات و الملائكة، يعني التي ليست فيسماء و لا في أرض لا يَسْتَكْبِرُونَ عنعبادة ربّهم، ثمّ وصفهم بالخوف ليعلمناإنهم عالمون بمن سجدوا له، ثم وصفالمأمورين منهم إنّهم يَفْعَلُونَ مايُؤْمَرُونَ [16/ 49- 50].
ثمّ قال في حقّ الذين هم عند ربّهم:يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ [41/ 38] أيلا يملّون و لا يفترون، كل ذلك للدلالة علىأنّ العالم كلّه في مقام الشهود و العبادةو العلم و الشهادة- إلّا كلّ مخلوق له قوّةالتفكّر، و ليس إلّا النفوس الوهمانيّةالشيطانيّة و الحيوانيّة خاصّة من أعياننفوسهم لا من حيث هياكلهم و ظلالهم، فإنّهياكلهم و ظلالهم كسائر أعيان العالم فيالتسبيح و التقديس و السجود. فأعضاء البدنكلّها مسبحة، ألا تريها تشهد على النفوسالمسخّرة لها يوم القيامة من الجلود والأيدي و الألسن و السمع و البصر و جميعالقوى فالحكم للّه العلي الكبير-.
و أمّا النفوس الوهميّة فهي مؤتمرةالشيطان، مغيّرة خلق اللّه عمّا فطر عليه،مليكة «7» آذان الأنعام.
و منها ما في الأدعية النبويّة- على الداعي و آلهأفضل الصلوات و لهم أجزل الدعوات-: «إلهيأنت الذي سجد لك السماء و الأرض، و سجد لك
(6) عليهما- نسخة. (7) متبكة- نسخة.