تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 456/ 157
نمايش فراداده

و الأيمان في المرتبة الاولى (7) غيبي و فيالثانية عينيّ، و في الثالثة عيانّي.

و هذا كما كان حال النبي صلى الله عليهوآله ليلة المعراج، فلمّا بلغ السدرة كانبعد في حيّز الأين، فلمّا جذبته العنايةمن الأين إلى العين فَأَوْحى‏ إِلى‏عَبْدِهِ ما أَوْحى‏ و هو المشار إليهبقوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِماأُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ [2/ 285]- أي:من صفات ربه و أفعاله- فآمنت ذاته بذاته، وصفاته بصفاته، و أفعاله بأفعاله. فصار كلّوجوده (8) مؤمنا باللّه ايمانا عيانيّا.

و في هذا المقام أسرار عظيمة لا يحتملهالعقول المجرّدة، فضلا عن العقولالملابسة المغشّاة بغشاوة الوهم والخيال، و يشمئزّ عنه طبائع أهل التقليد والجدال.

اللهمّ لا تجعل هذه الكلمات مضلّةالجهّال و الأرذال، و اجعلها سببا لزيادةبصيرة أهل الكمال، و موجبة لإنارة قلوبالرجال، الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عنذكر اللّه العزيز المتعال.

إشراق [ما يختص بالقرآن من بيان مراتبالايمان‏]

إنّك إذا علمت ما ذكرناه من اشتمال القرآنعلى هذه المراتب الثلاث من الايمان، وعلمت اشتراك سائر الكتب السماويّة معه فيالمرتبتين الأوليين و اختصاصه بالمرتبةالأخيرة، فقد أحطت علما بأنّ إنزال القرآنبما فيه إكمال للدين و إتمام لنعمة اللّهعلى المؤمنين، و تحقّقت بمعنى قوله تعالى:الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْوَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِيالآية [5/ 3] أي: جعلت الكماليّة في الدين منالأزل نصيبا لكم من جميع أهل الملل والأديان، و أتممت‏