و رموزه و إشاراته. و بعده لورثة علمه وخزّان كتابه- و هم الأئمة المعصومون من أهلبيت نبوته و ولايته، و العلماءالربّانيّون الراسخون في العلومالإلهيّة، المتأدّبون بالآدابالسبحانيّة خلفا بعد خلف و خليفة بعدخليفة، إلى آخر الدور و القرون و منتهىالعصر و الزمان.
و في زمان كلّ واحد منهم جمهور الناس- بلأكثر علمائهم و فقهائهم- مع دعوى ايمانهمعلانية ينكرون أطوار الأئمّة و سيرهمضميرا و سرّا، و يستبعدون ترك الدنيا والعزلة و الانقطاع عن الخلق- و هو بعينهتمنّى الموت- و ينكرون التبتيل «2» إلىاللّه بالكليّة بالموت الإرادي طلباللحياة المعنويّة الأبديّة، إلّا من كتباللّه في قلوبهم الايمان و أيّدهم بروحمنه، و هو نتيجة الصدق في الطلب و حسنالإرادة الحاصلين من بذر يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.
و ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْيَشاءُ و إلّا فمن خصوصيّة الإنسان بحسبما ركز فيه من الطبيعة الظلمانيّة التيلأصحاب الشيطان أن يمرق من الدين كما يمرقالسهم من الرمية، و إن كانوا يصلّون ويصومون و يزعمون أنّهم متديّنون و لكنبالتقليد- لا بالتحقيق- اللهمّ إلّا من شرحاللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربّهفَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْذِكْرِ اللَّهِ.
لا يخفى عليك إنّ في الإخبار بعدم تمنّيهمالموت- و لو بحسب القول و اللسان- معجزة منمعجزات رسول اللّه صلى الله عليه وآله،لما روى أنّه قال لهم: «و الذي نفسي بيده لايقولها أحد منكم إلّا غصّ اللّه بريقه» «3» فلولا أنّهم
(2) السبيل- نسخة. (3) الدر المنثور: ج 1 ص 89.