اللّه، سواء كانت سعيدة مسرورة، أو شقيّةمخذولة معذبّة منكوسة، لأنّ هذه الحركة منالنفس ليست اختياريّة بل اضطراريّةجبليّة.
فالموت الطبيعي عبارة عن تجاوز الطبيعةالإنسانيّة عن مراتب الاستكمالاتالحيوانيّة المناسبة لها في هذه الدار- وهي عالم الشهادة- إلى أوّل نشأة تكون لهافي الدار- الآخرة و عالم الغيب.
فهذا هو السبب البرهاني اللمّي لعروضالموت، كما أنّ ما ذكرناه أوّلا هو السببالغائي له. فافهم و اغتنم فإنّه مع كمالوثاقته و قوّته و وضوحه و جلائه ربما خفيعلى الأذهان القاصرة الغير المناسبةلمطالعة المبادئ الإشراقيّة، و أخذالنتائج المطلوبة منها لاعتيادهابالتلقّف و الاكتساب عن المبادئالتقليديّة الحسيّة- و اللّه يهدي من يشاءإلى صراط مستقيم.
إنّ معنى الموت في الحقيقة يرجع إلى تركالنفس استعمال الجسد، لأنّ البدن للنفسبمنزلة الدكّان للصانع، و الأعضاء بمنزلةالآلات، فإذا كلّت آلات الصانع أو انكسرتأو خرب الدكّان و انهدم بنائه فإنّ الصانعلا يقدر على عمل شيء من الصنعة إلّا أنيتجدّد دكّانا آخر و أدوات متجدّدة اخرى.
فكلّ صانع حكيم إذا فكر في أمره و نظر فيعواقب عمره علم بأنّه لا بدّ و أن يخربيوما دكّانه و تكلّ أدواته و تضعف قوّةبدنه و يذهب أيّام شبابه، فمن بادر و اجتهدقبل خراب الدكّان و كسر الآلات و ذهابالقوّة و اكتسب مالا يغنيه عن الدكّان واستغنى عن السعي، فإنّه لا يحتاج بعد ذلكإلى دكّان آخر