و أدوات اخرى مجدّدة، بل يستريح من العملو يستقلّ بالتمتّع و الالتذاذ بما كسب وادّخر، فهذه يكون حال النفوس الفاضلة بعدخراب أبدانها و عطب أجسامها.
فتفكّر- يا مسكين- و بادر و اجتهد و تزوّدقبل خراب هذا الدكّان و فساد الآلات، فإنّخير الزاد التقوى.
إن قيل: ما العلّة في بقاء النفوس الكاملةالمجرّدة بذاتها، المستغنية عن البدن وقواه، مدّة في هذه الدار مع ما يعتريهم منالمحن و الآلام و ما يلحقهم من الأوجاع والشدائد و عداوة الجهّال و فتنة الأشرار؟ يقال: الحكمة في ذلك (18) كون تلك النفوسمشغولة بتدبير النفوس الناقصة المتجسدةكيلا يتم «10» هذه و تتخلص من النفس، و يكملتلك و تصير فوق التمام (19) و بالغة إلى كمالبعد الكمال، و إلى حال أشرف و أعلى من ذلكالحال وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَالْمُنْتَهى.
و المثال في ذلك: الأب الشفيق و الأستاذالرفيق في تعليم التلامذة و الأولاد وإخراجهم إيّاها من الظلمات و الجهالات إلىفسحة العلوم و المعارف ليتمون «11» هؤلاء ويكملون أولئك الآباء و الأستاذون، ويخرجون بما في قوّة نفوسهم من العلوم والصنايع و الحكم إلى الفعل و الظهور،اقتداء بالباري سبحانه و تشبّها بالحكيمالأوّل في حكمته وجوده، إذ هو السبب فيإخراج
(10) الظاهر: كي يتم. (11) تموّن: ادخر ما يلزمه من الموتة.