فأحدث الأذان الثاني، فزاد مؤذّنا آخرفأمر بالتأذين الأوّل على داره التي تسمّىزوراء، فإذا جلس على المنبر أذّن المؤذّنالثاني فإذا نزل أقام الصلوة.
و إنّما سمّيت جمعة لأنّ اللّه تعالى فرغفيه من خلق الأشياء، فاجتمعت فيهالمخلوقات. و فيه سرّ سنشير إليه. و قيل:لأنّه يجتمع فيه الجماعات.
و قيل: إنّ أوّل من سمّاها جمعة كعب بنلوي، و هو أوّل من قال: «أمّا بعد». و كانيقال لها «العروبة»- عن أبي سلمة-.
و قيل: أوّل من سمّاها جمعة الأنصار. و ذكرابن سيرين جمع أهل المدينة قبل قدومالنبيّ صلى الله عليه وآله و نزول هذهالسورة، فقالت الأنصار:
لليهود يوم يجتمعون فيه كلّ سبعة أيّام وللنصارى مثل ذلك، فهلمّوا نجعل لنا يومانجتمع فيه فنذكر اللّه فيه و نصلّي.فقالوا: يوم السبت لليهود، يوم الأحدللنصارى، فاجعلوه يوم العروبة.
فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلّى بهميومئذ ركعتين و ذكّرهم، فسمّوه يوم الجمعةلاجتماعهم فيه، فأنزل آية الجمعة، فهيأوّل جمعة كانت في الإسلام «2».
و أمّا أوّل جمعة جمعها رسول اللّه صلىالله عليه وآله فهي إنّه لمّا قدم المدينةمهاجرا نزل قبا على بني عمر و بن عوف و أقامبها يوم الإثنين و الثلاثاء و الأربعاء والخميس و أسسّ مسجدهم، ثمّ خرج يوم الجمعةعامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بنيسالم بن عوف في بطن واد لهم، فخطب و صلّىالجمعة «3».
(2) الأقوال مما ذكر في مجمع البيان فيتفسير الآية: ج 9 ص 286. (3) الكشاف: تفسير سورة الجمعة، ج 3 ص 230.