اعلم إنّه لمّا اقتضت الأسماء الحسنىالإلهيّة ظهور آثارها جميعا في المظاهرالكونيّة لئلّا يتعطّل طرف من الالوهيّةظهرت في نوع الإنسان الذي أوجده لأجلالعبادة كما أشار إليه بقوله: وَ ماخَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ [51/ 56] و طبائع أكثر الناسمجبولة على العدول عن منهج الحقّ والانحراف عن سنن العدل كما أشار إليهبقوله: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَالشَّكُورُ [34/ 13] و قوله: وَ ما أَكْثَرُالنَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[12/ 103] و قوله: وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّكارِهُونَ [23/ 70] إلى غير ذلك من الآياتالكثيرة.
و قد تقرّر هذا البيان بنيانه «16» في كثيرمن الأحاديث القدسيّة، مثل قوله تعالى: «كلكم ضالّ إلّا من هديته،فاسألوني الهدى أهدكم. و كلكم فقير إلّا منأغنيته فاسألوني أرزقكم، و كلّكم مذنبإلّا من غفرته فمن علم منكم أنّي ذو قدرةعلى المغفرة فاستغفرني غفرت له و لاابالي» «17».
فلو أن الناس أهملوا و طبائعهم و تركواسدى و خلّى بينهم و بين طبائعهم لتوغّلوافي الدنيا، و انهمكوا في اللذات،الجسمانية، و طلبوا دواعي القوى
(15) ذكر المؤلف ما جاء في هذا الاشراق و مابعده في تفسير سورة البقرة 1/ 274- 285. (16) تبيانه- نسخة. (17) الترمذي: 4/ 656. ابن ماجة: 2/ 142. مسند: 5/ 154مع فروق.