و إنّ عيسى عليه السّلام لمّا كان من أهلالمعاد و صاحب التأويل كان مكانه في الشرق-و هو موضع ظهور النور و طلوعه وَ اذْكُرْفِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْمِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا [19/ 16].
و انّ نبيّنا صلى الله عليه وآله لمّا كانجامع المنزلتين- المبدأ و المعاد- و البرزخالمتوسّط بين الجانبين- المشرق و المغرب-بوجه، و المبرّأ عن العالمين- الدنيا والآخرة بوجه- كان مكانه متوسّطا بين الشرقو الغرب.
أمّا كونه جامعا للمبدإ و المعاد فلأنّ لهمنزلة في المبدأ- «كنت نبيّا و آدم بين الماء و الطين» «22» - و لكلّ شيء جوهر و جوهر الخلق محمّد صلىالله عليه وآله. و له صلى الله عليه وآلهمنزلة في المعاد إذ هو شفيع يوم المحشر لقوله صلى الله عليه وآله: «ادّخرت شفاعتيلأهل الكبائر من امّتي» «23».
و أمّا كونه متوسّطا فلأنّ قبلة موسى عليهالسّلام إلى الغرب من وسط العالم، و قبلةعيسى عليه السّلام منه إلى المشرق، و قبلةنبيّنا صلى الله عليه وآله بينهما كما قال صلى الله عليه وآله: «ما بين المشرق والمغرب قبلتي» «24».
و أمّا كونه مبرئا عنهما فلقوله تعالى: لاشَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ [24/ 35] و هماحرامان على أهل اللّه.
لمّا علم الشارع إنّ جميع أفراد الإنسانلا يرتقون في مدارج العقل إلى
(22) مناقب: ج 1 ص 214 و في الترمذي ج 5 ص 585: «بينالروح و الجسد». (23) راجع الخصال ص 355 و عيون الأخبار ج 1 ص 136. (24) ابن ماجة: كتاب اقامة الصلاة ج 1 ص 323:«قبلة» بدل «قبلتي».