و اتّصالها بالملإ الأعلى و الحفظةالكرام الكاتبين فكذلك أفعال اللّه تنقسمإلى ثابتات و متغيّرات، مبدعات و كائنات.
فعلم من هذا أنّ اللّه خلق النفسالإنسانيّة ذات اقتدار على إيجاد صورالأشياء في عالمها الخاصّ و مملكتهاالغائبة عن هذا العالم بمشيّتها وإرادتها، لأنّها من سنخ الملكوت و عالمالقدرة و الجبروت، إلّا أنّ ما تخترعها وتنشأ في عالمها ما دامت تكون في هذا العالمو صحبة الأعدام و القوى و الملكات يكونضعيفة الوجود شبيهة بالأشباح و الاظلال،فإذا قويت ذاتها و قربت من مبدأها بقطع هذهالعلائق الماديّة أصبحت مخترعة للصورالغيبية المناسبة لأخلاقها الحسنة أوالسيّئة، إمّا ملذّة أو موذية، و لم يفارقالدنيا عن الآخرة إلّا في كمال الصورة وقوّة وجودها هناك و نقصها و ضعف وجودهاهاهنا.
فلو كانت للنفس قدرة تامّة على تصويرالصورة الملذّة في عالم الحسّ- كمالهاقدرة على تصويرها في عالم الخيال- لكاننعيمها كنعيم أهل الجنّة حيث تكون شهوتهمسبب تخيّلهم، و تخيّلهم سبب إحساسهم فلايخطر ببالهم شيء يميلون «25» إليه إلّا وبحضر عندهم دفعة.
و إليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله: «إنّ في الجنّةسوقا يباع فيه الصور» «26» و السوق عبارة عن اللطف الإلهيّ الذي هومنبع القدرة على اختراع الصور بحسبالمشيّة و انطباعها و وجودها في العينوجودا ثابتا ما دامت المشيّة، لا وجودا هوبمعرض الزوال كما في منام هذا العالم، وهذه القدرة أكمل
(25) ينالون- نسخة. (26) سنن الترمذي: صفة الجنة، الباب 15 ج 4 ص686.