و بعضها تلويحا إلى ثاني مراتبها المسمّىبالعقل بالملكة الحاصل باستعمال الحواسّو حصول الأوّليات، و هو مناط التكليف.
و بعضها إيماء إلى المرتبة الثالثة ويسمّى حينئذ عقلا بالفعل عند تحصيلالنظريّات لها بمعنى أنّها متى شاءت والتفتت إليها حصّلتها بلا كسب و تعملّ.
و بعضها إشارة إلى المرتبة الرابعة و هوحصول العلوم الكليّة و الحقائق العقليّةلها مشاهدة، و يسمّى العقل المستفادالمضيء في دار المعاد.
و عند هذا التأويل يكون معنى السَّماءِذاتِ الرَّجْعِ العقل الفعال لأنّهيسترجع النفوس من هذا العالم إلى ما هبطتمنه من المحلّ الأعلى كما قال بعض الحكماء«61»:
و ما أشبه حال هذه المراتب الحاصلة من أرضالنفس من أرض النفس الناطقة بتأثير سماءعالم العقل بحال المواليد الحاصلة منالأرض، فإنّ الجماد بإزاء العقلالهيولاني، لما فيه من قابليّة كونه غذاللإنسان، و النبات بإزاء العقل بالملكة وفيه استعداد تغذيته. و الحيوان- و خصوصاالحصة من الجنس التي تكون في الإنسان-بإزاء العقل بالفعل، لأنّه قريب التهيّؤلأن يصير إنسانا. و الإنسان الحسّي بإزاءالعقل المستفاد الذي هو الإنسان العقلي.-فاعلمه فإنّه كثير الجدوى-.
(61) هو الفيلسوف الشهير ابن سينا، و البيتمطلع قصيدة مشهورة له.