و سمّي ذلك كيدا من حيث خفائه عليهم أولا،و ظهوره أخيرا على نحو الاستدراج و نحوه.
و لا يبعد أن يراد بالكائدين القوىالنفسانيّة و خصوصا الوهميّة المكّارةالمنازعة للقوة «67» القدسيّة في طريقالحقّ، فإنّها و إن كانت منازعة إيّاهاإلّا أنّ اللّه بإفاضته نور الهدى على قلبعبده المؤمن و إعطائه له البرهان النيّرالقدسي و التأييد التامّ الحدسي يغلبهاعلى قواها كلّها و يظهرها عليها و يخلصهامن كيد القوى- سيّما الوهم الذي هو خليفةالشيطان في عالم الإنسان- و يجذبها إلىعالم القدس بابطال كيد جنود الشيطان وجعلها مسخّرة خادمة للقوّة القدسيّة،مطيعة منقادة مشايعة معها إلى جناب الحقّ،مسلّمة مسالمة، بعد ما كانت أنفة منازعةمتأبّية عن طاعة الحقّ كافرة جاحدة.
إسناد الكيد إليه سبحانه من باب المجاز-كما هو الظاهر- فتكون العلاقة هيالمزاوجة، كقوله تعالى: وَ جَزاءُسَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [42/ 40] وإطلاق اسم الضدّ على الضد، أو ترتّبالغاية، فإنّ أوصافه تعالى الفعليّة فيأكثر المواضع إنّما توجد باعتبار الغاياتلا باعتبار المبادي، كالرحيم و المنتقم وغيرهما- ممّا لا ينفكّ مباديها عن انفعال وتأثير في الموصوف بها- فكيده تعالى عبارةعن إنزال المكروه بالمكيد من حيث لا يشعر،استعارة من فعل الكائد بمن يكيده.
(67) للقوى- نسخة.