فالمعنى: إنّه تعالى يجازي الذين شمّروالإبطال القرآن، أو إطفاء نور الرسول الذيهو هدى للناس و رحمة، أو إبطال نور القوّةالقدسيّة التي هي نور يهتدى به في ظلماتبرّ المحسوسات و بحر المعقولات، بكيد منه.
فيظهر الكتاب على سائر الكتب السماويّة،و يظهر الدين الذي صدع به على الدين كلّه ولو كره المشركون، و يقهر النور القدسيّعلى ظلمات سائر القوى الوهّمية والخياليّة و الحسيّة التي بعضها فوق بعض.
ثم أن تقييد الفعلين بالمصدر المؤكّد وتنكيره إشعار بأنّ الأمر ذو شأن عظيم و خطبجليل. «الحق أبلج و الباطل لجلج» «68».
قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُإِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.
فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْرُوَيْداً (17) أمر نبيّه صلى الله عليه وآله أن يمهلهم ولا يتصدّي للانتقام منهم و لا يشتغلبمكايدتهم و مماراتهم و لا يقدم علىمجادلتهم و مباراتهم، و أن يستظهر بكيداللّه عنه و مناضلته دونه، و من ثمّ جاءفاء السببيّة «69» ليدلّ على أنّه إذا علمإنّ اللّه يكيد له و يذبّ عنه لزمه صلىالله عليه وآله إمهالهم و الوثوق بصنعاللّه.
و يعلم من قوله: «رويدا» أنّ النصرة تأتيهعمّا قريب، فإنّه اسم للإمهال
(68) أبلج: واضح مشرق. و لجلج: ملتبس. (69) في جميع النسخ التي بأيدينا: «باءالسببيّة» و الظاهر ان الصحيح ما أثبتناه.